للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واضطرب البلد وأصبح الناس يوم الأحد مُسْتَهل شعبان في اضطراب، فبعضهم صار إلى دار الخليفة، وبعضهم إلى دار مؤنس، فجاء بليق إلى دار الخليفة ومعه القُوَّاد ليعتذر عن ابنه، فقبض عليه وعلى أحمد بن زيرك ويُمن الأعور صاحب الشرطة، وحُبِسوا، وصار الجيش كلُّه في دار الخليفة، فحينئذٍ راسل القاهر مؤنسًا وقال: قد تمَّت هذه الحادثة، وأنت عندي مثل الوالد، وما أحبُّ أن أعملَ شيئًا إلا بمَشُورتك، وأحبُّ أن تأتيني، فاعتذر لثقل الحركة، فقال له طريف السبكري: ما هو مَصلحة تتأخَّر، فانحدر، ولمَّا صار في دار الخليفة قُبض عليه.

واستتر ابن مُقْلَة، فكانت مُدَّة وزارته للقاهر تسعةَ أشهرٍ وثلاثةَ أيام.

واستوزر القاهر أبا جعفر محمَّد بن القاسم بن عُبيد الله يوم الأحد مُسْتَهل شعبان، وخلع عليه، واستقدم القاهر عيسى المُتَطبِّب من المَوصل (١).

وطُرِحَت النار في دار ابن مُقْلَة فاحترقت، وهذه المرة الثانية من حريقها، ويقال: إنَّ الشِّعر الذي ذكرناه (٢) في حريقها إنَّما قيل في هذه المرَّة، وموضعها يقال له: [باب] البستان.

وهرب محمَّد بن ياقوت إلى أبيه بفارس، فكتب إليه القاهر يؤنسه ويقول: ما أردتُ بك إلا الخير، وقلَّده أصبهان.

وقلَّد القاهر حجابته بعد علي بن بليق سَلامةَ الطُّولوني، وطلب أبا أحمد بن المُكتفي، فوجدَه مستترًا في دار عبد الله بن الفتح، فقبض عليه، وحُمل إلى دار السلطان، وأقيم المكتفي في باب وسُدَّ عليه بالآجُرّ والجصّ وهو حيٌّ.

ونهب القاهر (٣) دور المُخالفين، فظفر بعلي بن بليق لعشرٍ خلون من شعبان، جاء بعضُ الفرسان إلى القاهر ودلَّه على موضعه، فبعث الرَّجَّالة في طلبه إلى الدار التي كان فيها، فكُبِسَت، وفتَّشوا عليه فلم يجدوه، واختبأ في تَنُّور فاستخرجوه، وجيء به على


(١) من قوله: وفيها استوحش مؤنس … إلى هنا ليس في (ف م ١).
(٢) في (ف م ١): الذي ذكر.
(٣) في (خ) وأقيم فتح في باب .... ونهب المقتدر، وهو خطأ، وليس في (ف م ١) لاختصار نشير إليه قريبًا. وانظر تكملة الطبري ٢٨١، والمنتظم ١٣/ ٣١٧، والكامل ٨/ ٢٦٠، وتاريغ الإِسلام ٧/ ٤٠٤.