للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله تعالى: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [السجدة: ٥].

فإن قيل: فهلّا خلقها في لحظة واحدة وهو أهونُ عليه؟ فالجوابُ من وجوهٍ: أحدها: أنَّ التثبُّت أبلغُ في القدرة، والتعجيلُ لا تقتضيه الحكمة، قاله ابن عباس. والثاني: أن الله تعالى أراد أن يُظهر في كلِّ وقت أمرًا تستعظمه الملائكة، قاله مجاهد. والثالث: أن الذي يتوهمه المتوهم من إبطاء الخلق في ستة آلاف سنة يتوهمه في ستة أيام عند قوله تعالى: ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾. وقال سعيد بن جبير: إن الله تعالى كان قادرًا أن يخلق المخلوقات في لمحة واحدة، وإنما خلقها في ستة أيام تعليمًا لخلقه الرفقَ والتثبت في الأمور. وحكاه عن ابن عباس، وهو معنى القول الأول.

واختلفوا في أسماء الأيام: فقال الزجاج والفراء وأبو عبيد، وقد رواه الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء أنبأنا بذلك جماعة عن أبي القاسم السمرقندي قالوا: كانت العرب العاربة تقول ليوم السبت: شيار، وليوم الأحد: أول، وليوم الاثنين: أهون، وللثلاثاء: جبار، وللأربعاء: دبار، وللخميس: مؤنس، وليوم الجمعة: العروبة؛ وأول من نقل العروبة إلى يوم الجمعة كعب بن لؤي (١).

وقد ذكر الجوهري هذه الأيام وقال: كانت العرب تسميها في أساميهم القديمة، أنشدني أبو سعيد السيرافي قال: أنشدني ابن دريد لبعض شعراء الجاهلية قال: [من الوافر]

أُؤمِّل أن أعيشَ وإنَّ يومي … بأوَّلَ أو بأهونَ أو جُبارِ

أو التالي دبار أم فَيَومي … بمؤنسٍ أو عَرُوبَةَ أو شِيارِ (٢)

والثاني: أنهم كانوا يسمون يوم السبت: أبا جاد، ويوم الأحد: هوّز، ويوم الاثنين: حطّي، والثلاثاء: كمن، والأربعاء: سعفص، والخميس: قرشت، والجمعة: العروبة. حكاه الضحاك عن زيد بن أرقم (٣).


(١) "الأوائل" للعسكري ١/ ٤٧.
(٢) "الصحاح": (هون).
(٣) أخرجه الطبري في "تاريخه" ١/ ٤٢، وانظر "المنتظم" ١/ ١٢٣.