للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثالث: ذكره أبو إسحاق الثعلبي عن ابن عباس قال: خلق الله يومًا واحدًا فسمَّاه يومَ الأحد، وخلق يومًا وسماه: يوم الاثنين، وذكر باقي الأيام على هذا (١).

قلت: والتوفيق بين هذه الأقوال ممكنٌ؛ لأنه يحتمل أنها كانت قديمة ثم تغيرت ونقلت بطول الزمان كما فعلوا بالشهور، لما نذكر.

فأما السبت فجمعه: سبوت وأسبت، وقال الجوهري: سمِّي يوم السبت لانقطاع الأيام عنده، قال: والسبت: الراحة، والسبت: الدهر، والسبت: ضرب من سير الإبل وهو العَنَقُ، والسبت: قيام اليهود بأمر سبتها، قال الله تعالى: ﴿وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ﴾ [الأعراف: ١٦٣] والمُسبِتُ الذي لا يتحرَّكُ، والسُّباتُ النوم، وأصله الراحة (٢).

وقد ذكر هذه الأسماءَ أبو عبيد فقال: أحد وآحاد واثنين وأثانين، وثلاثاء وثلاثاوات، وأربعاء وأربعاوات، وخميس وأخمسة، وجمعة وجمعات.

واختلفوا في أيّ يوم بدأ الله الخَلْقَ على أقوال:

أحدها: أنه بدأ بها يوم السبت وكان الفراغ منها يوم الجمعة، قال الإِمام أحمد بن حنبل بإسناده عن عبد الله بن رافع مولى أم سملمة، عن أبي هريرة قال: أخذ رسول الله بيدي وقال: "خلق الله التربةَ يوم السبت، وخلق الجبال فيها يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبثَّ فيها الدوابَّ يوم الخميس، وخلق آدم يوم الجمعة بعد العصر إلى الليل [في آخر] ساعة من ساعات الجمعة ما بين العصر إلى الليل". انفرد بإخراجه مسلم (٣).

وقد رواه [عكرمة] عن ابن عباس قال: جاءت اليهود فسألوا رسول الله عن المخلوقات، فذكر الحديث -إلا أن الطبري ذكر أنه بدأ بالخلق في يوم الأحد لما نذكر- فلما قال: وخلق آدم يوم الجمعة في آخر ساعة، قالت: ثم ماذا؟ فقال: ثم استوى على العرش، فقالوا: لو أتممت: ثم استراح يوم السبت، فغضب رسول الله غضبًا


(١) أخرجه الطبري في "تاريخه" ١/ ٤٢، وانظر "المنتظم" ١/ ١٢٣.
(٢) "الصحاح": (سبت).
(٣) أحمد في "مسنده" (٨٣٤١)، ومسلم (٢٧٨٩).