للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لها ﴿نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾ في الحرب ﴿وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ﴾ [النمل: ٣٣] فقالت حين عرضوا عليها الحرب: ﴿إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا﴾ أي: أخربوها إذا فتحوها عنوة ﴿وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً﴾ أي: أهانوا أشرافها لتستقيم لهم الأمور فصدَّق الله قولها، فقال: ﴿وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾ [النمل: ٣٤] فالأول حكاه عن بلقيس والثاني عن الله تعالى.

أنشدنا عبد الوهاب بن علي بن علي الصوفي لغيره (١):

إنَّ الملُوكَ بَلاءٌ حَيثُما حَلّوا … فلا يَكُنْ لكَ في أَكْنافهِم ظِلُّ

ماذا تُؤمِّلُ مِن قَومٍ إذا غَضِبُوا … جَاروا عَلَيك وإنْ أَرضَيْتَهم مَلُّوا

وإنْ مَدَحتَهُم خَالوك تَخدَعُهُمْ … واستَثقلُوكَ كَمَا يُستثقَلُ الكَلُّ

فاستَغنِ بالله عَن أبوابهم كَرَمًا … إنَّ الوُقوفَ على أَبوابهِم ذُلُّ

ثم قالت: ﴿وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ﴾ [النمل: ٣٥] أُصَانع بها عن نفسي وملكي وأختبره، فإن كان نبيًا لم يقبلها ولم يرضها، ولم يُرْضِه إلا إنْ اتّبعنا دينه، وإن كان ملكًا أخذها وانصرف (٢).

واختلفوا في الهدية:

فذكر جدي في "التبصرة" قال: بعثتْ له ثلاث لبناتٍ من ذهب في كلِّ لبنةٍ مئةُ رطل، وياقوتة حمراء طولها شبرٌ غير مثقوبة، وثلاثين وصيفة، وثلاثين وصيفًا وألبستهم لباسًا واحدًا، فلا يُعْرَفُ الذكر من الأنثى (٣).

قال ابن عباس والحسن ومجاهد: بعثت إليه بخمس مئة لبنة من ذهب، وخمس مئة لبنة من فضة، في كل لبنة مئة رطل، وخمس مئة وصيف، وخمسمائة وصيفة ألبست الغِلْمان ثيابَ الجواري وجعلت في أعناقهم أطواقَ الذهب، وفي أيديهم أساور الذهب، وفي آذانهم أقراطًا من ذهب، وحملتهم على خمس مئة رَمْكَة، وألبست


(١) الأبيات في "عرائس المجالس" منسوبة لوالد الجنيد ص ٣١٧، وفي تفسير الثعلبي ٧/ ٢٠٦، وشعب الإيمان (٩٤٣٤) لوالد أبي القاسم الحبيبي، وفي العقد ٣/ ٢٠٠ دون نسبة، وفي جمهرة الأمثال ١/ ٣٠١ لأبي العتاهية.
(٢) "عرائس المجالس" ص ٣١٧.
(٣) "التبصرة" ١/ ٣٠٥.