للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصلُه من بغداد، وجاور بمكة حتى مات بها.

وكان من خيار (١) مشايخ الصوفية، وأحدِ الأئمة المُشار إليه في علوم الحقائق والوَرَع والزُّهْدِ والعبادة.

[وقد أثنى عليه الأئمة، فحكى الخطيب عن المرتَعِش أنه قال:] الكَتَّاني سِراجُ الحَرَم (٢).

وقال السُّلَمي (٣): خَتم الكتَّاني في الطواف اثني عشر ألف خَتْمة.

وقال أبو جعفر الأصبهاني: صَحِبتُ الكتَّاني سنين، وكان يزيد على الأيام ارتفاعًا وفي نفسه اتِّضاعًا.

ويُحكى عنه في "المناقب" أنَّه استأذن (٤) أمَّه في الحجِّ، فأذِنَت له، فلمَّا دخل الباديةَ أصابَ ثوبَه بولٌ، فقال: هذا خَلَلٌ، فعاد إلى بيته، وإذا بأُمِّه جالِسَةٌ خلف الباب، فقال: ما هذا؟ قالت: اعتقدتُ مع الله أن لا أبْرَحَ من هذا المكان حتى تَعودَ.

[وحكى في "المناقب" عنه أنه] قال: رأيتُ هِمْيانًا (٥) بطريق مكة يَلْمَع ذَهبًا، فقلتُ: آخُذُه فأفرِّقُه في فقراء مكة، فهتف بي هاتفٌ: إن أخذتَه سَلَبْناكَ فقرَك، فتركتُه.

[وحكى عنه في "المناقب" أنه] قال: رأيتُ في منامي شابًّا ما رأيتُ أحسنَ منه، فقلتُ: مَن أنت؟ فقال: التَّقوى، فقلتُ: فأين تَسكُن؟ قال: في كلِّ قلبٍ حَزين.

[قال:] ورأيتُ أسْوَدَ مُشَوَّهَ الخَلْق، فقلتُ: مَن أنت؟ قال: الضَّحِكُ، قلتُ: فأين تسكن؟ قال: في كلِّ قلب فَرحٍ مَرِحٍ (٦)، فانتبهتُ، وعاهدتُ الله أن لا أضحك أبدًا.


(١) في (ف م ١): كبار.
(٢) في (خ): وقال المرتعش، والمثبت من (ف م ١)، والخبر في تاريخ بغداد ٤/ ١٢٨.
(٣) فيما نقله عنه الخطيب في تاريخه.
(٤) في (ف م ١): وحكي عنه أنه استأذن، والمثبت من (خ)، والخبر في مناقب الأبرار ٢/ ٩١.
(٥) كيس تجعل فيه النفقة يُشدّ في الوسط.
(٦) في مناقب الأبرار ٢/ ٩١: فإذا بامرأة سوداء أوحش ما تكون فقلت من أنت فقالت الضحك قلت فأين تسكنين فقالت في كل قلب فرح مرح.