للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعتَضَدَ ببدر الخَرْشَني صاحب الشرطة ليُوقعَ بالمظفَّر والحُجَريّة، وقَوَّى يده، فقال له بدر: أنا أسبِقُ إلى دار الخليفة، فأحصل أنا وأصحابي فيها ونمنع الحُجَرية؛ لأنَّه بلغه أنَّهم قد عملوا على المصير إلى الدار، وأن يقيموا فيها.

وانحدر بدر وأصحابُه بالسِّلاح إلى دار الخليفة، ومنعوا الحُجَرية من دخولها، وذلك بعد أن جمع ابن مُقْلَة بين بدرٍ والسَّاجيّة، واستحلف بعضهم لبعض، وقَدَّر أنه يَستظهِر بهم على الحُجَرية، فلمَّا وقف المظفَّر والحُجَرية على ذلك ضَعُفَت نفوسُهم، واستتر بعضُهم، ولم يُظْهِر ابن مُقْلَة أنَّ الذي دبَّره بدر برأيه، فأشار المُظَفَّر على الحُجَريّة بالتَّذَلُّل لابن مُقْلَة، فسألوه الصَّفْحَ عنهم، وأظهر له المُظَفَّر أنَّه على أيمانه، فاغترَّ بذلك، وسأله ابن ياقوت والحُجَريّة أن يَصرفَ السَّاجيَّةَ وبدرًا من دار السلطان، فصرفهم.

فلمَّا خَلَت الدار منهم مشى الحُجَريّة إلى السَّاجِيّة، وأوحشوهم من ابن مُقْلَة ومن بدر، وتحالفوا، وصارت كلمتُهم واحدة، وصاروا إلى دار السلطان جميعًا، وأحْدَقوا بها، وضربوا خيامَهم فيها، وصار الراضي في أيديهم مثل الأسير.

وندم ابن مُقْلَة، وعلم أنَّها كانت حيلةً، فأمر بدرًا وأصحابه بأن يخرجوا إلى المُصلَّى، فخرج، وطالب الحجرية والساجية الراضي بأن يَخرج معهم إلى المسجد الجامع فيصلِّي بالناس؛ ليعلموا أنَّه من حزبهم، فخرج يوم الجمعة لستٍّ خَلَون من جُمادى الأولى، ومشى الغِلمان السَّاجِيَّةُ والحُجَريّةُ بين يديه وحوله بالسلاح، وصلى بالناس، وقال في خطبته: اللهم إنَّ هؤلاء الغلمان بِطانتي وظِهارَتي، فمَن أرادهم بسوء فأَرِدْه، ومَن كادهم فكِدْه.

وقلَّد بدرًا الخَرْشَني دمشق، وأمرَه بالخروج إليها من المُصلَّى، ولا يدخل البلد.

وكان المُظَفَّر في هذا كلِّه مع الغلمان يجمع كلمتَهم، ويُظهِر لابن مُقْلَة أنَّه مُجْتَهدٌ في الصُّلْح، فاصطلحوا، وحَلَفوا للوزير ولبدر، وأُقِرَّ على شرطة بغداد، وانقضت هذه القصة وفي القلوب ما فيها من العَداوة.

وشرع الوزيرُ يُشيرُ على الراضي سرًّا بأن يَخرجَ بنفسه والجيشُ معه؛ ليَدفعَ محمد بنَ رائق عن واسط والبصرة، وقال: هذه بُلدانُ المال، وقد انْغَلَقَت بامتناع ابن رائق من حمله، ومتى