للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رآه غيرُه قد تمَّ له ذلك تأسَّى به، فخَرِبت البلاد، وبَطَلت المملكة، ومتى زال أمر ابنِ رائق انْحَسَم طَمَعُ غيره، ودَرَّت الحُمول، واستقامت الأمور، فعمل على ذلك.

ثم بعث ابن مُقْلَة إلى ابن رائق ينال الكبير من الحُجَرِيّة، وماكرد من السَّاجِيَّة؛ برسالة تتضمَّن طلب الحُسين بن علي النُّوْبَخْتي ليواقَفَ على ما جرى على يده من ارتفاع واسط والبصرة، فامتنع من تسليمه، وأحسن إليهما، وحمَّلَهما رسالةً إلى الراضي سرًّا مضمونُها: أنَّه إن استُدعِيَ إلى الحضرة قام بالتَّدبير، وكفى أميرَ المؤمنين كلَّ همٍّ.

فقَدِما على الراضي، وأدَّيا الرسالةَ سرًّا عن الوزير، فلم يَلتفت الرَّاضي إليهما.

ولمَّا رأى ابنُ مُقْلَة امتناعَ ابن رائق من تسليم الحُسين؛ عَمِل على أن يكون خروجُ الراضي إلى الأهواز، وأنْ يُنفِذَ إلى ابن رائق القاضي أبا الحُسين برسالة تُعرِّفُه ذلك لئلَّا يَستوحش.

فلمَّا كان يوم الإثنين لأربع عشرة بقيت من جمادى الأولى انحدَر أبو علي بن مُقْلَة إلى دار السُّلطان، ومعه القاضي ليُوصِلَه إلى الراضي فيسمع الرسالة.

فلمَّا حصل الوزير في دِهْليز الصَّحْنِ التِّسعيني شَغَب الغلِمانُ ومعهم المُظَفَّر، وأظهروا المُطالبةَ بالرِّزق، وقبضوا الوزيرَ، وبعثوا إلى الراضي يعرِّفونه قَبْضَهم عليه، إذ كان هو المُضَرِّبُ عليهم عنده، والمُفْسِد للأحوال، ويسألونه أن يَسْتَوزِر، فبعث إليهم يَسْتَصْوبُ رأيَهم، ويُعرِّفُهم أنَّه كان عازِمًا على ذلك، وأنَّهم لو لم يفعلوه لفعله هو، ثم قال: سَمُّوا مَن شئتم حتى أستوزره، فسَمَّوا أبا الحسن علي بن عيسى وقالوا: هو مأمون كافٍ ليس في الزمان مثلُه، فاستحضره الرَّاضي، وخاطبه بتقليد الوزارة فامتنع، فخاطبه مرةً ثانية وثالثةً فامتنع، فقال: فتُشيرُ بمَن ترى، فأومأ إلى أخيه عبد الرحمن بن عيسى.

ذكر وزارة أبي علي عبد الرحمن بن عيسى (١):

في هذه السنة بعث الراضي للمُظَفَّر بن ياقوت فأحضره، وخاطبه الراضي بالوزارة، وخلع عليه، وركب الجيشُ بين يديه إلى داره (٢).


(١) في (خ): عبد الرحمن بن علي بن عيسى، وهو خطأ، وليس في (ف م ١) لاختصار نشير إليه قريبًا. وهو عبد الرحمن بن عيسى بن داود، أخو علي بن عيسى بن داود بن الجراح.
(٢) من قوله: وفي يوم الجمعة سلخ ربيع الأول أطلق المظفر … إلى هنا ليس في (ف م ١).