للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكتب البريدي إلى غلامه أبي جعفر محمد الحَمَّال بأن يُوافي بباقي الجيش إلى البصرة، وكتب [إلى] (١) أحمد بن بويه ليُخلي له قَصَبةَ الأهواز، ويقوم بما ضَمنه من المال لعلي بن بُوَيه -وهو ثمانية عشر ألف ألف درهم- فأجابه أحمد خوفًا من عَتَب أخيه علي بن بُوَيه، وانتقل إلى عَسْكر مُكْرَم، فبعث إليه البريدي يقول: انتقل إلى السُّوس وأُعطيك ثلاثين ألف دينار، وجعَلَ يُدَرِّجُه المنازلَ، ولا يَبعثُ له شيئًا، فقيل لأحمد: إنَّه قد سلك معك طريقًا سَلَكَه مع ياقوت، وما قَصْدُه إلا إبعادُك إلى السُّوس، ويَستميل الذين معك كما فعل بياقوت، فامتنع أحمد من الخروج من عَسْكَر مُكْرَم وهي على سَمْت طريق فارس، وقال: لا أُفارق طريقًا أبعد فيها عن أخي.

وأقام البَريدي أسفلَ الأهواز، ولا حُكمَ لأحمدٍ إلا على عَسْكر مُكْرَم، وقلَّ المال عنده (٢)، وشَغَب رجالُه، وأرادوا الرجوع إلى فارس، فضبطهم، وكتب إلى أخيه بشرح الحال، فبعث إليه قائدًا في ثلاث مئة رجل من الدَّيلَم ومعه خمس مئة ألف درهم، ففرَّقها في رجاله، ووَلي على كُور الأهواز، ونزل في دار أبي عبد الله البريدي، وأقطع ضياعه، واستولَى على أمواله.

واستقرَّ أمر أحمد، وبَجْكم مقيمٌ بواسِط يُنازع إلى الملك ببغداد، وقد جمع ابن رائق أطرافَه وأقام ببغداد، والبريدي هاربٌ في أسفل الأهواز.

ذكر ما جرى بين الوزير أبي الفتح الفضل بن جعفر وبين محمد بن رائق:

لمَّا رأى الوزيرُ اختلال الحَضْرة، واستيلاء المُخالفين على البلاد؛ أطمع ابنَ رائق في أن يَحمل إليه الأموال من مصر والشام، وأعلمه أنَّ ذلك لا يَتِمُّ مع بُعْده عنها، وصاهره فزوَّج ابنه أبا القاسم بابنة محمد بن رائق، وعقد بينه وبين ابن طُغْج صِهْرًا، فزوَّج مُزاحم بن محمد بن رائق بابنة ابن طُغْج.

وخرج الوزير إلى الشام في ربيع الآخر على طريق الفُرات، واستخلف عبد الله بنَ علي النِّقَّري بالحَضْرة، وسَفَر ابن شيرزاد بين البريدي ومحمد بن رائق في الصُّلْح، وأن


(١) ما بين معكوفين من الكامل ٨/ ٣٤٢.
(٢) يعني عند معز الدولة بن بويه، انظر تكملة الطبري ٣١٣، والكامل ٨/ ٣٤٣.