للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمَّا كان يوم الأحد لثلاث بقين منه وقعت بين أهل المَوْصل وأصحاب بَجكم فتنةٌ، فركب بجكم، ووضع السيف في أهل الموصل، وأحرق عدَّةَ محال منها، فسكنوا.

وورد الخبر بأنَّ ابنَ حَمْدان عاد إلى نَصيبين، وأنَّ مَن كان بها من أصحاب بجكم هربوا، فزاد ذلك في قلقه، وأخذ أصحابُه يتسلَّلون من الموصل إلى بغداد إلى ابن رائق، حتَّى احتاج بجكم إلى أن يَسُدَّ أبواب دروب الموصل.

ولمَّا وصل ابن حَمْدان إلى نصيبين ولم يعلم بخروج ابن رائق ببغداد بعث إلى بجكم يُصالحه على أن يحمل إليه خمسَ مئة ألف درهم مُعَجَّلة، فما صَدَّق بجكم، وكان في نيته أن يُسلِّم الموصل إلى ابن حَمْدان من غير صُلْح، ويَمضي إلى بغداد ليَدفعَ ابنَ رائق عنها.

فاستأذن بَجكم الراضي في الصلح، فامتنع من شدَّة غَضَبه عليه، وقال: أخْرَجَ دارَ الملك من أيدينا، فقال بجكم: الصَّواب الصلح، فأذن فيه، وبعث إلى ابن حَمْدان الخِلَع واللواء مع القاضي [أبي] الحسين بن أبي الشَّوارِب (١)، فاستحلف ابن حمدان، وأنفذ مال التعجيل.

ذكر ظهور ابن رائق:

لمَّا عادت القرامطةُ إلى بغداد ظهر ابن رائق في صفر، وانضمَّ إليه جماعة، واستتر أصحابُ الدواوين والكُتَّاب، وقاتلَه جماعة من أصحاب السلطان فهزمهم، فصار إلى دار الخليفة، فلم يدخلها احترامًا لمَن فيها من الحُرَم، وراسل والدةَ الراضي وحُرَمه رسالةً جميلة، واستعرض حوائجَهم.

وأُصْعِدَ محمد بن ينال من واسِط في أربعة آلاف من التُّرك والدَّيلَم، فالتقاه ابن رائق فهزمه.

وراسل ابنُ رائق الراضي وبَجكم على لسان أبي جعفر محمد بن يحيى بن شيرزاد يَلتمس الصُّلح، وأن يُقلَّد طريق الفرات، وجند قِنَّسْرِين (٢) والعواصم، ويخرج إليها،


(١) ما بين معكوفين من تكملة الطبري ٣١٧، وانظر أخبار الراضي ١٠٨، والمنتظم ١٣/ ٣٧٧، والكامل ٨/ ٣٥٣، وتاريخ الإسلام ٧/ ٤٢٧.
(٢) في تكملة الطبري ٣١٧: وجند يسابور، والمثبت موافق لما في الكامل ٨/ ٣٥٤، وتاريخ الإسلام ٧/ ٤٢٨.