للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَبْس البريدي والإيقاع به، فغدر تورتكين وبَلَّغ الخبر البريدي، فاحترز بالدَّيلَم، وقصد توزون إلى دار أبي الحسين البريدي ليلة الثلاثاء لخمسٍ خلَون من رمضان، فغلَّق الأبواب دونه، ووقعت الحرب، وخذله تورتكين فلعنه توزون.

وانصرف توزون يوم الثلاثاء ومعه جماعة وافرة من الأتراك إلى المَوْصل، وبعث البريدي وراءه جيشًا فلم يَظفَر به، وكان أبو عبد الله البريدي يُكاتب القواد الذين مع أخيه أبي الحسين ببغداد، فانحدر إليه منهم أعيانُهم، وخفَّ عسكرُ أبي الحسين.

ولما وصل توزون إلى المَوْصل قَوي قلبُ الحسن بن عبد الله بن حمْدان، وعزم على أنْ يَنحَدر إلى بغداد بالمتقي، وبلغ أبو الحسين فكاتب أخاه أبا عبد الله بذلك، فبعث إليه جماعةً من الدَّيلَم.

ذكر مقتل أبي بكر محمد بن رائق:

لمَّا وصل المُتَّقي وابن رائق إلى تكريت وَجَدا هناك أبا الحَسن علي بن عبد الله بن حَمْدان سيف الدولة؛ لأنَّ محمد بن رائق كان قد كتب إلى أبي محمد الحسن بن عبد الله بن حمْدان لمَّا قَرُب البريدي من بغداد أنْ يَبعثَ إليه بمَن يُعاونه على قتاله، فأنفذ أخاه أبا الحسن فالتقوا بتَكريت، ومع علي ابن حَمْدان الإقاماتُ والمِيرَة والفُرُش والثياب والمال، فحَمل إلى المُتَّقي وابن رائق والقُوَّاد على أقدارهم ما يحتاجون إليه، وساروا جميعًا إلى الموصل، فلمَّا وصلوا إليها حاد الحسن بن عبد الله بن حمدان عنها، وعبر إلى الجانب الشرقي منها، ومضى إلى نواحي مَغلَثايا.

وما زالت الرسائل تتردد بينه وبين محمد بن رائق [إلى أن توثَّق] (١) بعضهم من بعض بالأيمان والعُهود، حتى أنِسَ الحسن، وعاد فنزل بإزاء المَوْصل بالجانب الشرقي، فعبر إليه الأمير أبو منصور بن المتقي ومحمد بن رائق يوم الاثنين لسبعٍ بقين من رجب، فسلَّما عليه، فأظهر السُّرور، ونثر على الأمير أبي منصور الدنانير والدراهم.

فلما أرادا أن يَنصرفا قُدِّم فرسُ الأمير أبي منصور فركبه، وقُدِّم فرس ابن رائق ليركب من داخل المِضْرَب، فتعلَّق به الحسن وقال: تُقيم عندي اليوم حتى نُدبِّر ما فيه


(١) ما بين معكوفين من تاريخ الإسلام ٧/ ٤٣٥، وانظر الكامل ٨/ ٣٨٢.