للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثُّلَم في سورها، ونصَب عليها وعلى شاطئ دجلة المَجانيق، وطرح حولها الحَسَك، واستصرخ العامةَ ونهضوا، ووقعت الفتنة بين العامة ليلًا ونهارًا، ووقعت الكبسات على أصحاب الأموال، وفُتِحت الحبوس، وزحف البريدي إلى الدار، وقابله ابن رائق والعامة والجيش على الظَّهر وفي الماء، وقوي الحرب يوم السبت لسبعٍ بقين من جمادى الآخرة، ودخل جماعةٌ من الدَّيلَم دارَ الخليفة، وقتلوا جماعة، فخرج المُتَّقي ومعه ابنُه هاربَين إلى الموصل، ومعهما ابنُ رائق، واستتر القَراريطي ببغداد فكانت وزارته أربعين يومًا، ومدةُ إمارة ابن رائق ستة أشهر وعشرة أيام.

ونهب الدَّيلَم وأصحاب البريدي دار الخلافة نَهْبًا عظيمًا، ودخلوا إلى دار الحُرَم، ووُجِد في جيش السَّلطان كورتكين الدَّيلَمي وأبو الحسن بن سنجلا وعلي بن يعقوب، فجيء بهم إلى أبي الحسين البريدي فقيَّد كورتكين وبعث به إلى أخيه أبي عبد الله إلى البصرة، فكان آخرَ العهد به، وأما الاثنان الآخران فأطلقهما، ووجدوا القاهر أعمى في مَحْبَسه، فأمر بإبقائه مكانه.

ونزل أبو الحسين في دار مؤنس التي كان ابن رائق نازلًا بها، وقلَّد توزون الشرطة ببغداد في الجانب الشرقي، وأبا منصور تورتكين (١) في الجانب الغربي، ونُهبَت بغداد، ونُزلت الدورُ، وأُخرج منها أهلها، ولقوا شدَّةً، ولمَّا تقلَّد توزون وتورتكين الشرطة سكن الأمر، وكفَّ بعضُ الجند، وأخذ أبو الحسين البريدي حُرَم توزون وغيره من الأتراك والدَّيْلَم، فأحدرهم إلى أخيه أبي عبد الله رهائن في يده (٢).

وبلغ الكُرُّ الحِنْطة ببغداد ثلاث مئة وستة عشر دينارًا، وظَلَم البريدي وأخذ الأموال، وجرت حربٌ بين الأتراك والقرامطة، فانهزم القرامطة وخرجوا من بغداد.

وفيها زادت دجلة في نيسان تسعة عشر ذراعًا ونصفَ ذراع، وبلغت عشرينَ ذراعًا وأكثر.

وزاد البلاء بأهل بغداد من البريدي والدَّيلَم، وكَبْس المنازل، والنَّهْب، والتعرُّض للحريم، ووقع الحرب بين أهل بغداد والدَّيلَم، واتَّفق توزون وتورتكين والأتراك على


(١) في تكملة الطبري ٣٣٢، والكامل ٨/ ٣٨٠، والنجوم الزاهرة ٣/ ٢٧٥: نوشتكين، والمثبت موافق لما في تاريخ الإسلام ٧/ ٤٣٤، وانظر المنتظم ١٤/ ٢٠.
(٢) من قوله: وفيها أصعد أبو الحسين علي بن محمد البريدي … إلى هنا ليس في (م ف م ١).