للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودخل أبو بكر بن مجاهد عليه (١) فسأله الشبلي عن حاله فقال: أختمُ كلَّ يومٍ خَتمتَين، فقال له الشِّبلي: أيُّها الشيخ، قد ختمتُ في تلك الزاوية ثلاثة عشر ألف خَتْمة، إن كان فيها شيءٌ قد قُبل فهو لك، وإنِّي لفي خَتْمَةٍ منذ ثلاث وأربعين سنةً ما انتهيتُ إلى رُبعها.

وأعرف رجلًا (٢) ما دخل في هذا الشأن حتى أنفق جميع ما يَملكه، وغَرَّق في دِجلة سبعين قِمَطْرًا بخطِّة، وجالس الفقهاء عشرين سنةً، يعني نفسَه.

[وحكى عنه في "المناقب" أنه] قال: اعتقدتُ أن لا آكلَ إلا من الحلال، فخرجتُ أدور في البَرِّيَّة، فإذا شجرةُ رُمَّان، فمددتُ يدي لآخذَ منها رُمَّانةً، فنادتني الشجرةُ: احفظ عَقدك فإنِّي ليهودي.

وقال: رأيتُ رجلًا في السَّاحل عليه عَباءةٌ قد خَلَّها في عُنقه بخلال، فقلت: ما اسمُك؟ فقال: أبو مُدافِع الأوقات.

قال: وكنتُ جالسًا في الزَّاوية، فخطر في خاطري أنِّي بخيل، فقلتُ: مهما فُتِح عليَّ اليوم دفعتُه لأول فقير يلقاني، فبينا أنا في هذا الخاطر إذ دخل عليَّ رجلٌ من أصحاب مؤنس الخادم ومعه خمسون دينارًا، فقال: استَنْفق هذه في مَصالحك، فأخذتُها وخرجتُ، وإذا بفقير مَكفوفٍ في عَباءة بين يدي مُزَيِّن يحلق رأسَه، فناولتُه الصُّرَّة فقال: ناولْها للمُزَيِّن، فقلتُ: إنَّها دنانير، فقال: أوليس قد قيل لك إنك بخيل؟ فناولتُها للمزين، فقال [المزيِّن]: أنا إذا قعَد بين يديَّ فقيرٌ لا آخذُ منه أُجرةً، فأخذتُ الصُّرَّةَ، ورميتُ بها في دجلة وقلت: ما أَعزَّك أحدٌ إلا أذلَّه الله تعالى (٣).


= عجبًا للمحب كيف ينام … كل نوم على المحب حرام
وأما الذي ساقه المصنف من أن الشبلي قال: ثم تمنيت النوم بعد ذلك وأنشد: رأيت سرور … فإنما هو لشاه ابن شجاع الكرماني كما في الرسالة القشيرية ٥٦٠، ومناقب الأبرار ١/ ٣٩٩، ولفظه: تعوّد شاه الكرماني السهر، فغلبه النوم مرة، فرأى الحق سبحانه في النوم، فكان يتكلف النوم بعد ذلك، فقيل له في ذلك فقال: رأيت سرور قلبي …
(١) في (م ف م ١): وقال الخطيب دخل أبو بكر بن مجاهد على الشلبي، والمثبت من (خ)، والخبر في تاريخ بغداد ١٦/ ٥٦٨.
(٢) في (م): وإني لأعرف.
(٣) الأخبار الثلاثة في مناقب الأبرار ٢/ ٣٩، ٤٢، ٤٤.