للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: إذا وجدتَ قلبك مع الله فاحذَرْ من نفسك، وإذا وجدتَ قلبك مع نفسك فاحذر من الله.

[وقال ابن باكويه: كان الشبلي يقول: أحبَّكَ الناس لنعمائك، وأنا أُحبُّك لبلائك.]

وقال الخطيب: حدثنا علي بن محمود الزُّوزني قال: سمعتُ عليَّ بن المُثَنَّى التَّميمي يقول: دخلتُ (١) على الشبلي في دارِه يومًا وهو يهيج ينشد: [من الهزج]

على بُعْدِكَ لا يصبـ … ـــــــــــــرُ مَن عادَتُه القُرْبُ

ولا يَقْوى على حَجْبِـ … ــــــــكَ مَن تيَّمَه الحبُّ

فمَهْلًا أيُّها السَّاقي … فقد أسكرني الشُّربُ

فإن لم تَرَك العينُ … فقد يُبصرُكَ (٢) القلبُ

وقال الشبلي (٣): إذا أردتَ أن تنظرَ إلى الدُّنيا بحَذافيرها فانظر إلى مَزْبَلَة، وإذا أردتَ أن تنظر إلى نفسك فخُذْ كفًّا من تُراب وقل: أنا هذا، [وفي رواية:] إذا أردتَ أن تنظُرَ إلى مَن أنت فانظر إلى ما يخرج منك.

[وحكى ابن خميس عن الشبلي في "المناقب" قال:] قيل له: إنَّ أبا تراب النَّخْشَبي جاع يومًا في البادية، فرأى البريَّةَ كلَّها طعامًا بين يديه، فقال الشبلي: عبد رُفِقَ به، ولو بلغ إلى مَحَلِّ التحقيق لكان كما قال : "أظلُّ عند ربي فيُطْعمُني ويَسقيني" (٤).

وقال: تلطَّفت الأرواحُ فتعلَّقت بلَذَعات الحقائق، فلم تَرَ غيرَ الحقِّ معبودًا يستحقُّ العبادة، وتيقَّنت أنَّ المُحدَث لا يُدرك القديمَ بصفاتٍ مَعلولة.

وقال عبد الله بن محمد الدِّمشقي: كنت واقفًا على حَلْقة الشبلي وهو يبكى ولا يتكلَّم، فناداه بعضُ الحاضرين: ما هذا البكاء كلُّه؟ فأنشد الشبلي: [من الوافر]


(١) في (خ): وقال علي بن المثنى التميمي دخلت، والمثبت من (ف م م ١)، والخبر في تاريخ بغداد ١٦/ ٥٦٧.
(٢) في (ف م م ١): أبصرك.
(٣) في (م ف م ١): وحكى الخطيب عنه أنه قال، والمثبت من (خ)، والخبر في مختصر تاريخ دمشق ٢٨/ ١٨٦.
(٤) مناقب الأبرار ٢/ ٢٩، وأخرج الحديث البخاري (١٩٦١ - ١٩٦٥)، ومسلم (١١٠٢ - ١١٠٥) عن أنس وابن عمر وأبي سعيد وعائشة وأبي هريرة .