للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا عاتَبْتُه أو عاتَبوه … شَكا فِعْلي وعَدَّد سيِّئاتي

أيا مَن دهرُه غضَبٌ وسُخْطٌ … أما أحسنتُ يومًا في حياتي

[وقال في "المناقب":] وسئل عن الزُّهد فقال: تحويلُ القلب من الأشياء إلى ربِّ الأشياء.

وقال: مَن عَرف الله خَضَع له كلُّ شيء؛ لأنَّه عاين آثار صُنعه فيه.

وقال: ليس يَخْطُر الكونُ وما فيه ببال مَن عَرَف المُكَوِّن.

وقال له رجل: ادعُ لي، فقال: [من الطويل]

مضى زمنٌ والناس يَسْتَشفعون بي (١)

وقيل له: نراك جَسيمًا والمَحبَّة تقتضي الضَّنى؟! فقال: [من المنسرح]

أحَبَّ قلبي وما دَرى بَدَني … ولو دَرى ما أقام في السِّمَنِ

وكان يقول: أعمى الله بَصَرًا لا يراني، ولا يرى آثارَ القُدرة فيَّ، فأنا أحدُ آثار القُدرة، وأحدُ شواهد العَظَمة والعِزَّة، لقد ذَلَلْتُ حتى عزَّ فيَّ كلُّ ذليل، وعَزَزْتُ حتى ذَلَّ (٢) فيَّ كلُّ عَزيز (٣).

وقال له الجُنَيد يومًا: يا أبا بكر، لو رَدَدْتَ أمرَك إلى الله لاسترحتَ، [فقال له: يا أبا القاسم، لو ردَّ الله إليك حالك لاسترحتَ] فقال الجنيد: سيوفُ الشبلي تَقْطُرُ الدَّم.

وقال الشِّبلي: ليس مَنِ احتَجَب بالخَلْق عن الحقِّ كمَن احتجَبَ بالحقِّ عن الخلق، وليس مَن جذَبَتْه أنوارُ قُدْسِه إلى أُنسه كمَن جَذبتْه أنوارُ رَحمته إلى مَغفرته.

وكان كلَّ ساعةٍ يُنشد (٤): [من المتقارب]

ولي فيك يا حَسرتي حَسْرةٌ … تَقَضَّى حياتي وما تَنقضي


(١) تمامه: فهل لي إلى ليلى الغداة شفيع، والأقوال في مناقب الأبرار ٢/ ٢٩ - ٣٠.
(٢) في (ف م ١): حتى عرفني، وفي (م): عزَّ في، والمثبت من (خ)، وانظر مناقب الأبرار ٢/ ٣٠.
(٣) في (م ف م ١): كل شيء عزيز.
(٤) في (م ف م ١): وكان الشبلي كثيرًا مما ينشد، والمثبت من (خ)، وانظر مناقب الأبرار ٢/ ٣١.