للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: الغَيرةُ غيرتان، غَيرةُ البشرية على النفوس، وغَيرة الإلهية على القلوب.

ودخل مسجدًا ليصلِّي، فقرأ الإمام: ﴿وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَينَا إِلَيكَ﴾ [الإسراء: ٨٦] فزَعَق الشبلي زَعْقةً كادت روحه أن تطير من بدنه، وقال: أبمثل هذا تُخاطب الأحباب.

وسمع مناديًا ينادي [على الخيار]: الخيار عشرةٌ بدانِق، فصاح وقال: إذا كان الخيار [كذا] فكيف الأشرار؟.

وقال: المحبُّ إذا سكت هلك، والعارف إذا سكت مَلَك.

وكان يقول لأصحابه: إنْ خطَرَ ببالكم من اليوم الذي أتكلَّم عليكم فيه إلى اليوم الآتي مثلُه غَير الله فحرامٌ عليكم سماعُ كلامي.

وكان أبو الحسن بن بشار ينهى الناسَ عن مجلس الشبلي، فالتقاه يومًا فقال له: يا أبا بكر، كم في خمسٍ من الابل؟ فقال: عندكم أو عندنا؟ فقال: وكيف؟ فقال: أمَّا عندكم فشاةٌ، وأما عندنا فالكُلُّ، قال: ومن أين أخذتَ هذا؟ قال: من أبي بكر الصديق رضوان الله عليه، خرج عن ماله كلِّه، فقال له النبي : ما أبقيتَ لعيالك؟ فقال: اللهَ ورسولَه. فكان ابن بشار بعد ذلك يَحْضُر مجلسه.

وسئل عن قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ [النور: ٣٠] فقال: أبصارُ الرؤوس عمّا حرَّم الله، وأبصارُ القلوب عمّا سوى الله.

وسمع قارئًا يقرأ (١): ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ [هود: ١١٩] فقال: يا سيدي، املأها من الشبلي واعفُ عن عَبيدك.

وخرج يومًا وعليه ثيابٌ مُخَرَّقة، فقيل له: ما هذا (٢)؟ فأنشد: [من الطويل]

ويومًا ترانا في الثَّريد نَبُسُّه … ويومًا ترانا نأكلُ الخُبْزَ يابِسا


= وأخرجه الدينوري في المجالسة (٢٣٦٢) عن عبيدة قال: لما كلم الله موسى …
وفي صحيح البخاري (٧٤٠٥)، ومسلم (٢٦٧٥) ما يغني عنه، فقد أخرجا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي … " الحديث.
(١) في (خ): قائلًا يقول، والمثبت من (م ف م ١).
(٢) في (م): ما هذا الذي أنت فاعله؟