للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل له: هل يُعرَفُ المُحبُّ أنَّه مُحب؟ فقال: نعم، إذا كَتَمَ حُبَّه فظهرت شواهُده عليه، وأنشد: [من البسيط]

قد سَحَّب الناسُ أذيال الظُّنون بنا … وفرَّق الناس فينا قولَهم فِرَقا

فكاذبٌ قد رَمى بالظنِّ غيرَكم … وصادقٌ ليس يَدري أنَّه صَدقا (١)

وقال يومًا لأصحابه: أليس أنا عندكم مجنون وأنتم أصِحَّاء، زاد الله في جنوني، وزاد [الله] في صِحَّتكم، وأنشد يقول: [من البسيط]

قالوا جُنِنْتَ بمَن تَهوى فقلتُ لهم … ما لَذَّةُ العيشِ إلا للمجانين (٢)

وقيل له [يوما]: ما الحِيلة؟ فقال: تركُ الحيلة، وأنشد: [من الطويل]

تداويتُ من ليلى بليلى من الهوى (٣)

وسئل عن معنى قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيتِ﴾ [آل عمران: ٩٧] فوصَفَ أوصافًا لم يَضْبِطْها أهلُ المَجلس، وأنشد: [من الخفيف]

لستُ من جُملة المُحبِّين إن لم … أَدَعِ القلبَ بيتَه والمَقاما

وطَوافي إجالةُ السرِّ فيهِ … وهو رُكْني إذا أردتُ استلاما

وقيل له: مات بعضُ أصحابك وَجْدًا، فأنشد: [من الطويل]

قضى الله في القَتْلى قِصاصَ دمائهم … ولكنْ دِماءُ العاشقين جُبارُ

وقال: ضاقت عليَّ أوقاتي ببغداد، فخطر في خاطري النُّزول إلى البصرة، فنزلتُ في سُماريّة، فلمَّا حاذينا تاج (٤) الخليفة إذا بجارية تُغَنِّي وتقول: [من الطويل]

أيا قادمًا من سَفْرة الهَجْر مرحبًا … أنا ذاك لا أنساك ما هَبَّت الصَّبا

قَدِمتَ على قلبي كما قد تركتَه … كئيبًا حزينًا بالصَّبابة مُتْعَبا


(١) من قوله: وقال: المعارف تبدو فتطمع … إلى هنا ليس في (ف م م ١)، والقول والشعر في مناقب الأبرار ٢/ ٤٦، ومختصر تاريخ دمشق ٢٨/ ١٨٢.
(٢) حلية الأولياء ١٠/ ٣٧٢، ومناقب الأبرار ٢/ ٤٧، ومختصر تاريخ دمشق ٢٨/ ١٩٤.
(٣) مناقب الأبرار ٢/ ٤٨ وتمامه: كما يتداوى شارب الخمر بالخمر.
(٤) في (ف): دار، والتاج اسم دار من دور الخلافة مشهورة ببغداد. انظر معجم البلدان ٢/ ٣.