للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبين هذا الرجل مَعرفة قبل هذا؟ فقال: لا والله، ولا رأيتُه قبل هذه الساعة، وإنما اشتهى عليَّ صبياني مَضيرة وفالوذجًا، وأنا رجل حَمَّال فقلت: ما يمكن اليوم، فإذا فتح الله علي بشيء اشتريتُ لكم، فكَسِبتُ اليوم دينارًا، فاشتريتُ حوائج المضيرة والفالوذج، ثم نمت فهتف بي هاتف: قم واحمل هذا إلى المسجد؛ ففيه فقير عليه عَباءة في الموضع الفلاني، فقَدِّمه بين يديه، وما فَضَل منه فأطعمه لعيالك [فجئت به إلى هذا الفقير النائم فأيقظته] فكان كما رأيت، فقلت له: لقد وُفِّقْتَ إن شاء الله تعالى.

[وحكى في المناقب عن جعفر] قال: سمعت أبا يعقوب الأقطع البَصريّ يقول: جعتُ مرةً في المسجد الحرام، فبقيت أيامًا لم آكل شيئًا، فخرجت إلى الوادي، فإذا بسَلْجَمةٍ (١) مطَرْوحة، فقلت: آخذها فأُسكّن بها ما بي، فأخذتُها فوجدت في قلبي وَحْشة كأني زُجِرتُ وقيل في: كان حَظُّك من جوع أيام سَلْجَمَةٌ مُنْتِنَة؟! فرميتُ بها، وجلستُ في المسجد، وإذا برجل من نَواتيَّة البحر قد دخل ومعه قِمَطْر، فقال: خذ هذا فإنه لك، قلت: وكيف؟ قال: هاج علينا البحر منذ عشرة أيام، وأشرفْنا على الهلاك، فنَذَرتُ لئن سَلَّمنا الله لأُعطين هذا القِمَطْر لأول من أراه من المُجاورين، قال: ففتحتُه، وإذا بسَويق وسُكَّر، فقلت: إلهي، هذا رزقي يسير إلى من مسيرة عشرة أيام، وأنا أخرج إلى الوادي فأطلب منه ما آكله، فأخذتُ منه قَبضَتين، وقلت له: رُدَّ الباقي إلى صِبيانك فهو هَديَّةٌ مني إليهم ففعل.

[وحكى في المناقب عن أبي] الحسن العَلَوي قال (٢): كنت ليلةً عند الخُلْدي، وكنتُ أمرتُ في بيتي أن يُعَلِّقوا طائرًا في تَنُّور، وتَعلَّق قلبي به، فقال الخُلْدي: أقم عندنا الليلة، فتعلَّلْتُ عليه، ورجَعتُ إلى منزلي، فأُخرج إليّ الطائر من التنور، ووضعته الجارية بين يدي وشَرعتُ آكل، وإذا كلبٌ قد هجم من باب الدار، فأخذه ومضى، وجاءت الجارية بالجوذاب (٣) الذي كان عليه الطائر، فتعلَّق بذيلها فتبدَّد، فتعجَّبتُ،


(١) نبات يعرف باللفت. والخبر في مناقب الأبرار ٢/ ١٥١ - ١٥٢.
(٢) في (خ): وقال أبو الحسن العلوي، والمثبت من (م ف م ١)، والخبر في المناقب ٢/ ١٥٠.
(٣) الجوذاب: طعام يصنع من الأرز والسكر واللحم. المحكم والمحيط الأعظم. (جذب).