للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حبلٌ من مسد (١).

قال أبو القاسم: وروي عن الأَوْزَاعي أنه قال: كُسِرَ برجٌ من أبراج تَدْمُر فأصابوا فيه امرأة حسناء دعجاء مدرجة، كأن أعكانها طيُّ الطَّوَامير المدرجة، عليها عمامة طولها ثمانون ذراعًا، مكتوب على طرفها: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أنا بِلْقيس مَلِكَة سَبَأ، زوجة سليمان بن دَاود، مَلَكْت الدنيا كافرةً ومؤمنة، ملكت شيئًا لم يملكه أحدٌ قَبْلي، ولا يملكه أحدٌ بَعْدي، ثم صار مصيري إلى الموت فأَقْصِرُوا يا طُلابَ الدنيا (٢).

واختلفوا فيها على أقوال: فقال السُّدي: توفيت قَبْل سليمان بشهر، وقيل: إنها توفيت باليَمَن.

* * *

قال: فإن قيل: فهل تعرفون في رواة الحديث من اسمه سليمان بن داود؟

فالجواب: جماعة ذكرهم أبو القاسم في "تاريخ دمشق" والخطيب في "تاريخ بغداد" فنذكر أعيانهم، فمنهم:

سليمان بن داود بن أبي حَفْص، وكنيته أبو الرَّبيع الخُتَّليُّ (٣)، سمع بالشام أبا الحسن بن أبي الحديد وغيره، وروى عن حَفْص بن عمر الربعي وغيره.

ومما روى عن الرَّبعي (٤) قال: خرجنا إلى المدائن لنسمع من شُعيب بن حرب الواسطي فقال: أحدِّثكم قبل أن تسمعوا بحديثين في الورع، أما أحدهما فرأيته بعيني قال: خرجتُ حاجًّا فركبتُ في سفينة فإذا رجلان كأنهما ارتكضا في رحم واحد، يعظِّم كلُّ واحدٍ منهما صاحبه، وإذا في السفينة قمح، فأخذ أحدهما قمحةً فوضعها في فيه، فنظر إليه صاحبه وقال: ما هذا؟ قال: سهوتُ، قال: لا أصاحب من يسهو عن الله، قدّمِ السَّفينةَ يا ملاح وإلا رميتُ روحي في البحر، فقلت له: من أجل قمحةٍ تلقي روحك في البحر؟ فقال: هيه استصغرتَ الذنبَ ولم تنظر مَن عُصي، ولم يقدِّم الملاحُ


(١) "تاريخ دمشق" ٦٩/ ٧٧.
(٢) تاريخ دمشق ٦٩/ ٧٨، والطوامير: جمع طامور، وهو الصحيفة.
(٣) كذا في (ط)، وليس في (ب)، والصواب: الجِيلي كما في تاريخ دمشق ٧/ ٦٠٣ (مصورة دار البشير)، ومختصره لابن منظور، وابن بدران ٦/ ٢٧٣.
(٤) كذا في (ط)، وفي تاريخ دمشق ومختصريه: المربّعي، وهو الصواب إن شاء الله.