للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أثنى عليه أبو عبد الرَّحمن السُّلَمي، وأبو نُعيم، والحافظ ابن عساكر، وابن خَميس وغيرهم، فقال السُّلَمي: كان من كبار المشايخ] أقام ببغداد مدة، ثم انتقل إلى دمشق فسكنها، [وله الكلام الحسن والحكايات الغريبة.

حكاية الصورة:

ذكرها الحافظ ابن عساكر في "تاريخه" قال:] اجتاز الدُّقِّي ببِيعَة النَّصارى بالشام، فقال له أصحابه: نريد أن ندخلَ هذه البِيعة، فنهاهم، فألحُّوا عليه فقال: ادخلوا، فدخلوا ثم خرجوا، فقال لهم: إيش استفدتُم من دخولكم؟ قالوا: لا شيء.

فقام ودخل إليها، فرأى في الحائط صورة عيسى ، فرفع عصاه عليه وقال: ﴿أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَينِ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [المائدة: ١١٦] فرفعت الصورة يدها (١) وقالت بلسان فصيح: لا لا لا، وكان هناك جماعةٌ من الرُّهبان، فأسلموا كلُّهم على يده، وخرجوا من البِيعة وصاروا صوفية، فقال لأصحابه: إذا دخلتُم البِيَع فادخلوا هكذا، وإلا فلا تدخلوا.

[وحكى عنه ابن جَهْضَم] قال: فُتح عليَّ بنصف دينار وأنا بالرَّمْلَة، وكان عليَّ بالقدس نصفُ دينار دين، وقدم عليَّ فقراءُ من الحجاز وبهم فاقةٌ، فجعلتُ أُميِّزُ هل أنفقه عليهم أو أقضي به دَيني؟ وبات الفُقراء جياعًا، فلما كان بالليل ضَرب عليَّ ضِرْسي فلم أنم، فقلعتُه، ثم ضرب [عليَّ] آخر [ثم آخر]، فهَمَمْتُ بقَلْعه، فأخرجتُ النِّصْف دينار قبل طلوع الفجر وقلتُ: هذا للفقراء، فهتف بي هاتف: لو لم تخرجه لقلعنا أضراسَك كلَّها (٢).

وقال (٣): حدَّثني أبو الخير العَسْقلاني قال: كنتُ مارًّا ببغداد وبين يديَّ فقيرٌ يمشي، وإذا بقائل يقول: [من مخلع البسيط]

أمدُّ كَفَّيَّ بالخُضوعِ … إلى الذي جاد بالصَّنيعِ

فصاح الفقير ووقع ميتًا.


(١) في (م ف م ١): رأسها، والخبر في تاريخ دمشق ٦٢/ ٥٠.
(٢) تاريخ دمشق ٦٢/ ٤٨ - ٤٩.
(٣) القائل هو عبد الملك بن محمَّد القشيري كما في تاريخ بغداد ٣/ ١٧٣، وعنه تاريخ دمشق ٦٢/ ٥١.