قد كان ذلك غَلَطًا، وإن رجعنا الساعة يقال: إنا فَزِعنا، وسقطنا من أعينهم، وقلَّت هيبتُنا في صدورهم، ولكن احتفوا بي فإن مئةً من هؤلاء لا يقاومونا.
فسعينا سَعْيًا حثيثًا، وانتهينا إلى دار فيها صَنَم من صُفْر على صورة امرأة، وبين يديها أصنامٌ صغار كالوصائف، فتحيَّر معز الدولة، وسأل عن الصنم فقيل له: هذا حُمِل في أيام المقتدر من بلد الهند، فتح صاحب عمان بلدًا، وبعث به إلى الخليفة وقال: إنه كان يُعبد، فقال: قد استَحسنتُ هذا الصنم وشُغفت به، ولو كان مكانه جارية لاشتريتُها بمئة ألف دينار؛ على قلَّة رَغبتي في الجواري، وأريد أن أطلبَه من الخليفة، فقال له الصَّيمَريّ: لا تفعل فإنه يَنْسِبُك في ذلك إلى ما ترتفع عنه.
وبادرنا بالخروج، فما رجعت إلينا عقولنا إلا بعد اجتماعنا بأصحابنا.
وقال معز الدولة للصَّيمري:[قد ازدادت محبتي للمطيع لله وثقتي به؛ لأنه لو كان يُضْمِر لي سوءًا أو يُريده بي لكنا اليوم في قبضته، فقال الصَّيمَريّ:](١) الأمر على ذلك.
وصعد معز الدولة إلى داره، وبعث إلى نقيب الطالبيين بعشرة آلاف درهم ليفرِّقها في العلويين شكرًا لله على سلامته.
قال المصنف ﵀: في هذه الحكاية تخليط؛ فإن الصيمري مات سنة تسع وثلاثين وثلاث مئة، وقول الخراساني: قد قُتل في هذه الدار ألفُ أمير وألف وزير! ما قتل فيها أحد، ثم إن معزَّ الدولة كان فَوَّض الأمور إلى ولده عز الدولة، وأخو معز الدولة ركنُ الدولة ملكُ المشرق، فكيف يُتصوَّر أن يبدو من المطيع في حقِّ معز الدولة ما يكره.
قال ثابت: وكان ناصر الدولة قبل أن يَحمل مال التعجيل قد بذل زيادة عشرة آلاف دينار بأن يَعقد لولده أبي تغلب فَضْل الله الغَضَنْفَر مكان أبيه، فلم يُجِبْه معز الدولة، وقدم قتلة الحاجب الكبير وجماعة القوّاد، ثم خرج في رجب، وعبر دجلة، وسار إلى الموصل على الظَّهر، وجاءه أبو الحسين الباهلي رسول ناصر الدولة يضمن له ثلاث