ولما وقعت عليه الروم قيل في: خذ لنفسك، فقال: لا والله، لا يراني الله مُوَلّيًا أبدًا، فحُمِل إلى القسطنطينية، فأقام في الأسر سنين، وكان يكاتب سيف الدولة بالأشعار وغيرها، فقال له ملك الروم: اشتر نفسَك دون أصحابك، فقال: لا والله، وقاطع على نفسه وعلى مَن معه بمئتي ألف دينار، فقال له ملك الروم: أبصِرْ كم يَنوبُك من هذا المال وأُطلِقُك، فقال: لا والله إلا أنا وأصحابي.
وحكى الحمصي: كان في زمان أبي فراس امرأةٌ جميلة، وكان مُغْزى بها، ويبعث إليها بالأموال والهدايا، ويسألُها أن يجتمع بها وهي تأبى عليه، فبينما هو جالس في بعض الأيام إذا بها قد جاءت إليه، فقال: أنا أبعث إليك بالأموال والهدايا وتمتنعين، فكيف جئتِ ابتداءً؟! فقالت: كنتُ أنا الساعةَ وزوجي نَذكرك، فأثنى عليك وقال: ومن أين في الدنيا مثل الأمير أبي فراس، الفاضل، الشجاع، الجواد، الفصيح؟ فلما أثنى عليك وقع في قلبي مثل النار، فقال: ويحك، ومَن يُثني عليَّ هذا الثناء أخونُه في زوجته؟! لقد خِبْتُ إذًا وخَسِرْتُ، قومي إليه، ودفع إليها مالًا، فأخذتْه وانصرفت.