للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القصيدة.

ثم سافر ابن فلاح إلى دمشق، فدخلها في المحرم سنة تسع وخمسين وثلاث مئة، وخطب بها للمعز يوم الجمعة بالجامع، وهي أول خطبة خطب بها للمعزيين بدمشق، وبطلت خطبة بني العباس، وعاد ابن فلاح إلى الرَّملَة.

قال ابن عساكر: وقام الشريف أبو القاسم إسماعيل بن أبي يعلى بدمشق، وقام معه الأحداث، ولبس السَّواد، ودعا للمطيع، وأخرج إقبالًا والي المصريين.

وبلغ ابن فلاح، فعاد إلى دمشق في ذي الحجة، فنازلها، فقاتله أهلُها، فظهر عليهم ودخلها، وهرب الشريف أبو القاسم إلى بغداد على البَرِّيَّة، فقال ابن فلاح: مَن جاء به فله مئة ألف درهم، فلقيه ابن عليان العَدَويّ في البرية، فجاء به إلى ابن فلاح، فشَهره على جَمل، وعلى رأسه قَلَنْسوة من لُبود، وفي لحيته ريشٌ مَغروز، ومن ورائه رجل من المغاربة يوقع به الفعل، ثم حبسه، وبعث إليه ابن فلاح بطعام، فامتنع من أكله، فقال له: كُل فالذي تَحذرُ منه وقعتَ فيه.

ثم استدعاه ليلًا وقال له: ما حَملَك على ما صنعتَ وقطعتَ دعوة مولانا، ومن وَثَّبَكَ على هذا الأمر؟ ووَبّخه فقال: ما وَثَّبني عليه أحد، وإنما هو رأي سَبَّحَ لي، وأوقَعَني فيه القضاء والقدر، وأنا في يديك فاصنع بي ما شئتَ، والتَعييرُ أشدُّ من القتل، فرَقَّ له ابن فلاح وقال: لا بأس عليك، ووعده أن يُكاتب فيه جوهرًا ويُخَلِّصَه، ثم قال للذين أَتَوْا به: لا جَزاكم الله خيرًا، غَدَرْتُم بالرجل؟! واسترجع منهم المئة ألف درهم، ولم يَنَلْه بسوء لشرفه وكرمه وحسن سيرته، وكان ابنُ فَلاح يحبُّ العَلويين (١).

[فصل:] وفيها مات أحمد بن الراضي بالله بمرض البواسير، وطالت عليه، ودُفن عند أبيه بالرُّصافة، وكان في عَزْم ملك الروم أن يَقْصِد البيت المقدس فصرفه الله عنه.

وفي ذي الحجة كتب المطيع لأبي شُجاع عضد الدولة عَهْدَه على كِرْمان، وأنفذ إليه الخِلَع واللواء وطَوْقًا وسِوارَيْن.


(١) تاريخ دمشق ٦٧/ ١٣٨ - ١٤٠. ومن قوله: ولما وصل القائد جوهر إلى مصر … إلى هنا ليس في (ف م م ١).