وذكروا الأماكن المختصَّة بهذه البلاد، ولم يذكروا حماة، والظاهر أنها لم تكن عامرة يومئذ، وجعلوا الحدَّ الفاصل من الشرق الفرات، ومن الغرب البحر وأنطاكية، ومن الشمال أَعْزاز، وجعلوا ما يأخذونه في أقساط مُقسَّطة في ثلاث دفعات، ففي كانون الأول قنطار، وفي أواخر حزيران قنطار، والثالث في أواخر تشرين الثاني، ووزن كل قنطار سبعة آلاف ومئتي مثقال بالرومي، وزن كل مثقال درهم ونصف إسلامي.
وشرطوا على المسلمين شروطًا منها: أن المسلمين من سُكَّان حلب والبلاد التي ذكرنا والقرى يُؤدّون عن كل إنسان يَتمُّ له خمسة عشر سنة ستة عشر درهمًا، سوى العِميان والزَّمْنى، وأن لا يؤخذ من النصارى جِزية، وأن لا يكون للمسلمين سلطان إلا مَن يُنَصّبه ملك الروم، ومتى غزا الملك بلادَ الإسلام يكون عَسكرُ هذه البلاد في خدمته، ومتى ورد جاسوسٌ يريد بلاد الروم حَمله مُقَدَّم حلب إليهم، وأن لا يَعْمُرَ المسلمون حصنًا، ويمكِّنوا النصارى من عِمارة (١) البِيَع والكنائس والصَّوامع، وأن يعطوهم رهائنَ من حلب ممن يختارونه ويسمُّونه من الأشراف، وذكروا أشياءَ أُخَر.
فأعطاهم قرغويه ما طلبوا، ورجعوا عن البلاد إلى بلادهم ومعهم رهائن من أهل حلب: أبو الحسن بن أسامة، وأبو طالب الهاشمي، وأبو الفرج العطار وغيرهم.
وسببُ هذا اختلاف المسلمين، أما بغداد فكان الخُلفاء من بني بُوَيه مثل الأسرى، وأما الجزيرة فكان الخلاف بين أولاد حَمْدان واقعٌ، وأمورُهم مُخْتَلَّة، وأما مصر فكانت فتوحًا متجددة، ولم يتمكَّن جَوْهر بعدُ من البلاد.
[فصل:] وفيها قُتل نقفور ملك الروم، وبسبب قتله صالح الروم ورجعوا إلى بلادهم.