وكتب أيضًا إلى عضد الدولة في جواب كتاب أُعيد عليه فيه بإطلاقه واستخدامه إياه:[من الوافر]
وما بُقْيا عليَّ تَرَكْتُماني … ولكن خِفْتُما صَرَدَ النِّبَالِ
فانظروا إلى هذا الجاهل الأحمق الذي أوقعه لسانُه فيما أوقعه؛ فإن عَضُدَ الدولة تمكَّن منه بعد ذلك، فقَتَله أقْبَحَ قِتْلَة، ومَثَّل به شَرَّ مُثْلَة.
وعاد ابنُ بقية إلى بغداد، وزادت منزلتُه عند عز الدولة أضعافَ ما كانت.
وكان عضد الدولة قد عَوَّل على إنفاذ عَسْكَرٍ في الماء إلى أبي كاليجار ليأخذَ البَصْرةَ منه، فلما حَدَث من ابنِ بقيةَ ما حَدَث جعل ابتداءه به، فبعت إليه الجيشَ، وبعث ابنُ بقية إلى عمران، فأرسل إليه عَسْكرًا في السُّفُن مع أخيه أبي المعربان، وجاؤوا إلى واسِط، واقتتل الفريقان، وانتشرت الأمورُ على عضد الدولة من جميع الجوانب، وابنُ بقية مُتَحَصِّن بواسِط مُسْتَظْهِر، فبينا هم على ذلك والأمور قد اختفَت على عضد الدولة، وخاف أصحابُ الأطرافِ منه لما فعل بابن عمه عز الدولة، وجاءه جوابُ أبيه رُكن الدولة مع ابن العَميد يقول: أنا بعثتُكَ لتُنْجِدَ ابنَ أخي أو لِتَنْزِعَه من المُلْك؟! والله لئن لم تُفْرِج عنه، وتُسَلِّم إليه مُلْكَه، وتَخْرُج من العراق لأَسِيرَنَّ إليك بنفسي، وصاحَ في ابن العميد وشَتَمَه.
ولما جاءت عَضُدَ الدولة هذه الرسالةُ لم يجد بُدًّا من طاعة أبيه، وكان وُرودُ الجواب في شعبان.
وتَردَّدَتْ بين عز الدولة وعضد الدولة مُراسلات بأنه يكون نائبًا عنه، وأخذَ منه الأهواز، وشَهَّد فيه الشهود، وثبت على الحكام، ومضمونه: السَّمْعُ والطَّاعَةُ لعضد الدولة، وأن عز الدولة نائبُه في البلاد، وأنه سامِعٌ مطيعٌ، وأول الكتاب:
هذا كتابٌ لمولانا الملك الجَليل عضد الدولة أبي شجاع بن ركن الدولة أبي علي مولى أمير المؤمنين، كتبه له عزُّ الدولة وعُمدة الدولة ابنا معز الدولة، وأشهدا جميعًا على أنفسهما وكلِّ واحد منهما بما يثبت على قاضي القُضاة أبي الحسن محمد بن صالح الهاشمي، والقاضي أبي تمَّام، والحسن بن محمد الهاشمي، والقاضي أبي محمد عبد الله بن مَعْروف وغيرهم، ومَن حَضَر من الأشراف والعلماء والشُّهود والخواصّ والقُوَّاد وغيرهم؛ أن عَضُدَ الدولة استَخْلَفَنا على مدينة السَّلام وواسِط