قال: وأعطاني عز الدولة عِقْدًا من اللؤلؤ، ما رأيتُ أكبرَ ولا أحسنَ، وقال: إن قَنَع بالجاريتين وإلا فادفع له العِقْد، فلما رضي بالجاريتين لم أذْكُر له العِقْد، ورَدَدْتُه إلى عز الدولة فأوهبني إياه، ثم عَلِم به عضد الدولة بعد ذلك، فكان سببًا لنِقْمَته عليَّ، وواقفني عليه.
فقلت: إن بختيار أعطاني إياه، فلما قَنِعْتَ بالمحمول إليك لم يَحْسُن بي أن أخونَه فيما جعلني فيه أمينًا.
وحَمَّل عضد الدولة للشريف رسالة إلى عز الدولة، وأمره أن يؤدِّيَها على خَلْوةٍ من ابن بقية، وضم إليه بَهرام بنَ أرْدشير.
فلما عاد الشريف إلى عز الدولة، وأدَّى إليه الرسالة، ولم يَحْضُرها ابن بقية، فاستوحش ابن بقية من عز الدولة، وقَدَّر أن عضد الدولة أمر بالقبض عليه وتسليمه عوضًا عن الغلام، وأن عز الدولة يفعل ذلك لعِظَم ما عنده من الغلام، فهمَّ بالعِصيان -وكان بالجانب الغربيِّ من واسط، وعنده الأموال والرجال- وعلم عز الدولة فتلافاه وقال: أنت الوزير والمدبِّر، والرأيُ لك، فتوقَّف إلى أن تمَّ له القبضُ عليه.
وعاد الشريف إلى البصرة ينتظر مجيء الغلام، وأشار إبراهيم الحاجب على عز الدولة بأن يُقيم بواسط ويتماسك، ووبَّخه على قَبْضِه الغلام، وقال له: اصْدِفْ عنه، وكان الغلام قد وصل إلى البصرة، فكتب عضد الدولة إلى الشريف يقول: لا تَرْحَلْ بالغلام إلى عز الدولة حتى يَرْحَلَ عن واسط، ويُخلِّي بين نُوَّابنا وبينها، فشقَّ ذلك على عز الدولة، وكاتب الشريف بسببه، فلم يُذْعِن عضد الدولة بتسليم الغلام حتى يَرحل عز الدولة عن واسِط، فحَمله ما في قلبه من الغلام على أن رحل عنها، فدخل بغداد في صَفر سنة سبع وستين، فكان الغلام سببًا لفَضيحة عز الدولة، وسُقوطِ حُرْمَته، وزوالِ مُلْكه، وقدم الشريف بالغلام.
وكان بين إبراهيم بن إسماعيل حاجب عز الدولة وبين أبي طاهر بن بقية تباعُدٌ وتنافُر، وكان عز الدولة قد استخلفه ببغداد لما خرج لقتال عضد الدولة، فلما عاد إلى واسط استدعاه إليه، وشكا ابنَ بقية، فأمره بالقبض عليه، فقال عز الدولة: أخاف من الجيش، فشَجَّعه إبراهيم وقال: أنا ارضي الجيشَ بماله.