ويعودَ معه إلى بغداد يُحارب عضد الدولة، فامتنع من ذلك وقال: كيف أصنع بالأيمان والحِنْث؟
فاستعان عليه بوالدته وأخيه عُمدة الدولة أبي إسحاق وخواصّه، فلم يفعل، واتَّصلت الهدايا والمُلاطفات من أبي تغلب، ولم يزل أبو الحسن علي بن عمر بأصحاب عز الدولة في أمر حَمْدان.
وكان أبو تغلب وأختُه جَميلة في قلبهما من حَمدان، طالبِين بثأر أخيهما أبي البركات عنده.
وأقام عز الدولة على المنع، ولما قَرُب من الموصل اجتمع أبو تغلب بعُمدة الدولة، وتقرَّر بينهما الأمر على قبض حَمدان من حيث لا يَدخل عز الدولة في الأمر، لئلا يَحْنَث بيمينه.
وكان عز الدولة بحَديثَة الموصل، فرجع عمدة الدولة إليه، وخَوَّفه وقال: نحن في قبضة أبي تغلب، وإن لم تَفْعل قَصَدَنا وحارَبَنا، وما لنا به طاقة، وقد حلَف لنا على المساعدة بنفسه وماله ورجاله على خلاص بغداد.
فخاف عز الدولة وطمع، فسلَّم حمدان إلى أخيه يوم الخميس لعشرٍ بقين من جمادى الأولى، فحبَسه في بعض القِلاع ثم قتله، وهرب أبو السَّرايا بن حمدان إلى عضد الدولة، فحصل في حملته.
وجمع أبو تغلب وحَشَد، وأخرج المال واستكثر منه، واجتمع بعز الدولة على ظهور الخيل، فتحالفا وتعاهَدا وتخالصا، وانحدرا في خمسة وعشرين ألف مقاتل، ويكون عز الدولة مُواجِهًا مُلاقيًا، وأبو تغلب مُرادِعًا ومُستَدْبِرًا لظهر عسكر عضد الدولة.
ذكر ما فعله عضد الدولة بعد دخوله بغداد:
ركب إلى دار الطَّائع في جُمادى الأولى يوم الأحد لتسعٍ خلون منه، ومعه أصنافُ الجُند والأشراف والقُضاة والأمائل ورسولُ أبي القاسم نوح بن منصور بن نوح صاحبِ خُراسان، فخلع عليه الطائع الخِلَع السُّلطانية، وتوَّجه بتاجٍ مُرَصَّعٍ بالجوهر، وطَوَّقه،