وفي شعبان وَرد رسولُ العزيز صاحب مصر إلى مُحَمَّد الدولة، ويكنى بأبي الوليد، وما زالت كتُبه تتواتر حتَّى أجابه عضد الدولة بصِدْقِ الطَّويَّة، وإخلاصِ النية.
وذكر ابن الصابئ ما يدلّ على أن مُحَمَّد الدولة ابتدأه بالرسالة فقال: وقفتُ على هذا الكتاب وفيه: من عبد الله وليّه نزار أبي المنصور الإِمام العزيز بالله أمير المُؤْمنين إلى مُحَمَّد الدولة الإِمام ونصير ملَّة الإِسلام أبي شُجاع بن أبي علي: سلامٌ عليك، فإن أمير المُؤْمنين يَحمد إليك الله الذي لا إله إلَّا هو، ويسأله الصلاةَ على جدِّه محمَّد رسول رب العالمين، وحُجَّة الله على الخلق أجمعين، صلاةً باقيةً ناميةً مُتَّصِلةً دائمةً بعترتِه الهادِية، وذُرِّيتِه الطيبة الطاهرة.
وبعد: فإن رسولك وصل إلى حضرة أمير المُؤْمنين مع الرسول المُنْفَذ إليك، فأدَّى ما تحمَّلَه عنك من إخلاصك في ولاء أمير المُؤْمنين ومَودَّته، ومعرفتك بحقِّ إمامته، ومحَبَّتك لآبائه الطائعين الهادين المهديين، فسُرَّ أمير المُؤْمنين بما سمعه عنك، ووافق ما كان يَتوَسَّمه فيك، وأنك لا تعدل عن الأحقِّ والأولى، والأفضل والأحرى، إلى الأَرذَل والأدنى … وذكر كلامًا في هذا المعنى وقال:
وقد علمتَ ما جرى على ثغور المسلمين من المشركين، وخرابَ الشَّام وضعف أهله، وغلاءَ الأسعار، ولولا ذلك لتوجَّه أمير المُؤْمنين بنفسه إلى الثُّغور، وسوف يُقدِّم الخِيَرة، وكتابُه يَرد عليك عن قريب، فتأهَّب للجهاد في سبيل الله.
وذكر كلامًا هذا معناه وفي آخره: وكتب يعقوب بن يوسف عبد مولانا أمير المُؤْمنين.
وكتب إليه عضد الدولة كتابًا يَعترِفُ بفضل أهل البيت ﵈، ويُقرُّ للعزيز بأنه من تلك النَّبْعةِ الطَّاهرة، وأنه في طاعته، ويُخاطبه بالحَضْرة الشَّريفة وما هذا معناه (١).
وحج بالنَّاس أبو الفتح أَحْمد بن عمر بن يحيى العَلويّ.
(١) من قوله: وفي شعبان ورد رسول العزيز … إلى هنا ليس في (ف م م ١).