للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما أعاد الأجوبةَ إلى عضد الدولة قال: قد علمنا أنَّه سيُجيب.

ثم أمر بحَمْلِه إلى قلعةٍ بفارس، وكان قَبْضُه عليه في صفر هذه السنة، فأقام محبوسًا إلى أن أطلقه شرف الدولة عند انتقال المُلْكِ إليه.

وكان عضد الدولة يظنُّ أن الطائعَ يَنزعج بقبضه عليه لكونه كان خَصيصًا به، فأرسل عضد الدولة مع ابن الحاجب النعمان إلى الطائع يُعَرِّفُه ذنوبَه، ويقول: نَزَّهْتُ مولانا أمير المُؤْمنين أن يَنتسب إلى خدمته مثلُه، فقال: نِعْمَ ما فعلتَ.

وفيها جَهَّز عضد الدولة أَبا القاسم المُطَهَّر بن عبد الله إلى البَطيحة لقتال أبي محمَّد الحسن بن عمران بن شاهين، وكان قد قام مقام والده عمران لما مات، فقيل لعضد الدولة: إن الحسن لا يُقيم البطيحة بعد أَبيه، فخلع عضد الدولة على المُطَهَر، وجهَّزه بالمال والرجال والقوَّاد، فاستخلف ببغداد على الوزارة أَبا الرَّيَّان حمد بن محمَّد، فقطع المُطهّر الأنهار وسدَّ أفواهَها، وعمل المُسَنَّيات الموصلة إلى التلال والمعاقل، وأطلق المال الكثير.

وكان البَطائحيون يُفسدون ما كان يعمل، وكانوا يَخرجون فيقاتلون العَسكر، وكلما سدَّ مكانًا فتحوه، فأقام شهورًا كثيرة، ونَفَقت الأموال، وتضاعفت المؤن، وكتب إليه عضد الدولة يَستبطئه، ويَنسبه إلى العَجْز، فخاف، وضاق صدرُه من طول المقام، وقد (١) افصدني. فقال: أَنْتَ قريبُ عهدٍ بالفَصْد، فشتمه وطَرده، وأخذ سكينًا فقطع رواشن (٢) ذراعيه، فاستصفى ومات، وحُمل إلى بلده كازَرون، فدُفن به، واضطرب العَسكر، وبعث أبو محمَّد الحسين بن عمران يطلب العَفْوَ من عضد الدولة، وأن يَحمل إليه ما لا قرَّره عليه، فأجابه، وأعاد العسكر إلى بغداد (٣).

وفيها تزوَّج الطائع بنتَ عضد الدولة الكبرى، وعُقد العقدُ بحضرة الطائع على صَداقٍ مَبلغُه مئتي أَلْف دينار، وكان الوكيل عن عضد الدولة في العقد أبو علي الحسن بن أَحْمد الفارسيّ النَّحويّ، والخطيب القاضي أبو علي المُحَسِّن بن عليّ التَّنوخيّ.


(١) في (خ ب): وقد أقصدني، وليس في (ف م م ١) لاختصار نشير إليه قريبًا، وفي النص سقط ظاهر، لعل صوابه: وقال للطبيب افصدني.
(٢) في الكامل ٨/ ٧٠١: شرايين.
(٣) من قوله: وفيها قبض عضد الدولة على الشريف أبي أَحْمد … إلى هنا ليس في (ف م م ١).