للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فذهب عَطَشي وجوعي وتعبي، فأقمتُ عندهما ثلاثة أيام لم آكل ولم أشرب، ولا رأيتُهما أكلا ولا شربا ولا ناما، فقلت لهما في اليوم الثالث: عِظاني، فقالا: نحن أربابُ مصائب، ما لنا لسانٌ في المواعظ، فقلت: بالله، فقال الشاب: عليك بصُحبة مَن يذكِّرك اللهَ برؤيته، وتقع على قلبك هَيبتُه، ويَعِظُك بلسان فعله لا بلسان قوله، اذهب عنا، فانصرفتُ (١).

[ذكر نبذة من كلامه:

حكى عنه في "المناقب" أنَّه] قال: لما خلق الله الملائكة والإنس والجن خلق العصمةَ والكفايةَ والحيلةَ وقال: اختاروا، فاختارت الملائكة العصمة، ثم قال للجن: اختاروا، فاختاروا العصمة، فقال: قد سُبِقتم إليها، فاختاروا الكفاية، ثم قيل للإنس: اختاروا، فاختاروا العِصْمةَ، فقيل: قد سُبِقتم إليها، فاختاروا الكفاية، فقيل: قد سُبقتم إليها، فاختاروا الحيلة، فبنو آدم يحتالون بجهدهم.

وسئل عن التوكّل فقال: الاكتفاءُ بضمانه، وإسقاطُ التُّهمَةِ عن قضائه.

وقال: ليس شيءٌ أضرَّ بالمريدين من مُسامحةِ النفس في ركوب الرُّخَص والتأويلات (٢).

وسئل عن القُرْبِ فقال: طيُّ المسافات بلطيف المنازلات (٣).

وسئل عنه أَيضًا فقال (٤): قُرْبُك منه بملازمة الموافقات، وقُرْبُه منك بدوام التوفيق.

ذكر وفاته:

[حكى الحافظ ابن عساكر عن عبد الرَّحيم قال: قال ابن خفيف:] سأَلتُ الله أن ألقاه ولا يكون على بَدَني شيءٌ من اللحم، ولا لأحدٍ عندي شيء، فمات كذلك، أقام سبعةَ عشر يومًا لم يأكل، وكانوا يَشَمُّون منه رائحةَ الطّيبِ والمِسْك شيئًا ما شَموا مثلَه قط.


(١) بعدها في (م): وقد كاد قلبي يطير رعبًا.
(٢) في المناقب ٢/ ١٧٧: وقبول التأويلات.
(٣) في طبقات الصوفية ٤٦٦، والمناقب: بلطيف المداناة.
(٤) في (ف م م ١): وفي رواية القشيري عنه أنَّه قال. والمثبت من (ب خ)، والقول في الرسالة ١٢٠ - ١٢١، وطبقات الصوفية ٤٦٦، ومناقب الأبرار ٢/ ١٧٧.