للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي رجب قُطعت خطبةُ شرف الدولة من بغداد.

وفيها [في شهر ربيع الآخر] زُلزِلَتِ الموصلُ زلزلةً عظيمةً، هدمت المنزل، وقتلت خلقًا كثيرًا.

وفي رمضان شغَبَ الجند على صَمْصام الدولة، وفارقه أكثرُهم، وتسلَّل الأعيان إلى شرف الدولة، منهم أبو نصر [بن] عضد الدولة، فلما رأى صَمْصام الدولة ذلك عزم على الإصعاد إلى عُكْبَرا وتبصَّر مَنْ معه منهم، فإن كان يقدر على مقاومة شرف الدولة وإلَّا أصعد إلى الموصل لينظر في أمره، فبينا هو على هذا العزم أحاطوا بداره، وصاحوا بشعار شرف الدولة، [وخرقوا الهيبة، فرأى أن ينحدر إلى شرف الدولة] (١) بنفسه يستعطفه ويدخل في رضاه، فانحدر يوم الأربعاء تاسع رمضان، ووصل إلى شرف الدولة، [وقد أصعد من واسط، فلقيه شرف الدولة] بنهر سائس، وأكرمه وأنزله في خيمةٍ مقابلةٍ لخيمه، وأخدمه حواشيه.

وفي رواية: وكان قد أشار عليه زيار بن شهراكويه مُقدَّم عسكره بالخروج إلى عُكْبَرا؛ ليعرف مَنْ هو معه ممن هو قاعدٌ عنه، وقال له: الجيل في طاعتنا، وهم جمهرةٌ قوية، وأصحابنا الدَّيلمٍ في الموصل مع القاسم الحاجب، ويكثُر جمعَنا، ويَقوى أمُرَنا، فإن رأينا ما نحبُّ وإلَّا سِرْنا إلى فارس، فإنَّ بها أموال شرف الدولة وذخائِرَه، وليس دونها مانعٌ، فإذا حصلنا هناك لم يتمَّ لشرف الدولة بالعراق أمر، فحينئذ يحتاج إلى النزول على حُكْمِنا، واستقرَّ الرأيُ على هذا، ثم بدا لِصَمْصام الدولة العدولُ عن ذلك، وأن ينحدر إلى شرف الدولة، فلمَّا كان في الليلة المذكورة انحدر في زَبْزَبه (٢)، فلما حصل تحت دار زيار وقف وطلبه، فنزل إليه؛ ظنًّا منه أنه ينزل في داره، فلمَّا لم يرَ ذلك قال له: إلى أين أيها الملك؟ قال: إلى أخي شرف الدولة. فقال له: لا تفعل، فإن الملوك لا تصِلُ الأرحام، ولا تراعي الحقوق، فلا تركبِ الخطرَ وتُسلِّمْ نفسَك إلى من لا يُراعي حقًّا. فقال: قد عزمتُ. فقال: خارَ اللهُ لك. فقال صَمْصام الدولة: فقل: أيَّ شيء قد عزمت أنتَ؟ قال: لي بكَ أسوة. قال: لا تضع يدك في يد أخي. فقال: فأنت


(١) ما بين حاصرتين هنا وفي الموضع الآتي زيادة من (ب).
(٢) الزَّبزب: السفينة الصغيرة. وقد مرَّ قريبًا.