للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكان لؤلؤ، وحمل بَكْجُور في أربع مئة غلام بالسيوف واللُّتوت (١)، وخيولُهم بالتجافيف (٢)، حتَّى خلص إلى لؤلؤٍ وهو يظنُه سعدَ الدولة، فضربَه على الخوذة بالسيف فقدَّها، ووصل إلى رأسه، ووقع لؤلؤٌ إلى الأرض، وعُمِلَ القتال، وحملَ سعد الدولة بنفسه، فانهزم بَكْجُور في سبعة أنفس، واستولى القتلُ والأسرُ على الباقين، وجاء بَكْجُور إلى رحًى تُعرف بالقُديمي على فرسخ من حلب، فالتجأ إليها، ومرَّ بهم قومٌ من الأعراب فسلبوهم ثيابهم ودوابَّهم، ولم يعرفوا بَكْجُور، ومضوا، وبقي بَكْجُور ومن معه عُراةً، فلجؤوا إلى الرَّحى، واستجاروا بصاحبها، فأجارهم، ثم خرج بَكْجُور وغلامان من غلمانه فرمَوا نفوسَهم في زرع حنطة، فمرَّ بهم قومٌ من الأعراب فعدَلوا إليهم، وكان سعد الدولة قد نادى: من جاء ببَكْجُور فله ما يريد، ولمَّا [مرَّ] (٣) بهم الأعراب رأى بَكْجُور منهم بدويًّا، فعرَفَه، وعرَّفه نفسَه، وقال: احملني إلى الرقة وأُعطيك وقْرَ (٤) جَمَلِكَ ذهبًا. فحمله إلى بيته، وبلغه نداءُ سعد الدولة، فجاء إليه وقال: بَكْجُور عندي، وأريد منك مئتي ألف درهم، ومئتي فَدَّان، وكذا وكذا. فقال: كل ذلك عندي. وبعث معه جماعة فأحضروه، فاستشار لؤلؤًا سعدُ الدولة فيه، فقال: بقيَ غيرُ قتله! وإلَّا شفعَتْ فيه ستُّنا يعني -أخت سعد الدولة- وصار لنا شغلٌ مُجدَّد. فأمر بقتله، فحُمِلَ إلى الموضع المعروف بحصن الناعورة، فقتله ومن معه، وعلَّقهم بأرجلهم.

وسار سعد الدولة مِنْ فَوره إلى الرقة -وفيها سلامة الرَّشيقي وأبو الحسن المغربي وأولاد بَكْجُور وحُرَمُه وأموالُه وخزائنُه وذخائرُه- فراسل سلامةَ على تسليم البلد، فقال: على شرط أن يُؤمِّنَ أولادَ بَكْجُور وحُرَمَه ويأخذوا أمواله، ولي ولابن المغربي، فحلف لهم وأمَّنهم، وحلف بالأيمان المغلَّظة، وهرب المغربي إلى الكوفة، فأقام عند ضريح أمير المؤمنين رضوان الله عليه، ثم خرج إلى مصر، وقد ذكرناه.


(١) اللُّتوت: جمع لتّ: وهو الفاس العظيمة. معجم الألفاظ الفارسية المعربة ص ١٤١.
(٢) التَّجافيف؛ جمع تِجْفاف وهو ما يُجلَّل به الفرس من سلاح وآلة يقيانه الجراح في الحرب. المعجم الوسيط (جفف).
(٣) ما بين حاصرتين من (ب).
(٤) الوِقْر: الحمل الثقيل. المعجم الوسيط (وقر).