للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لي إليكَ حوائجُ إنْ قضيتَها شكرتُكَ. قال: قُلْ. قال: إنك حظَّرت على الناس التعاملَ بالدنانيرِ السابوريةِ والدراهمِ الحانية وما يخالف سِكَّتَكَ، فإن رأيتَ أن تفسح للحاجِّ في التعامل بما صحِبَهم من النقود، فقد تضرَّروا، حتى يفارقوا بلدك. قال: نعم، قد أذِنْتُ. ثمَّ قال: ماذا؟ قال: تمنعُ أهلَ بلدك من دخول الحمامات بغير مآزر. فقال: أفعل، ولكنَّهم لا يأتمرون، وليس طاعةُ أهل العراق لسلطانهم مثلَ طاعة أهل خراسان الذين تعرفهم. فقال: ثمَّ ماذا؟ قال: خير. فقال العميد: قد كنتُ أعلمُ أنكَ لا تسألُني حاجةً تخصُّكَ، فلا تنسني من دعائك. فقال: اللهمَّ أصلِحْه ووفِّقْه، وأصلِحْ به وعلى يديه. ثمَّ قام عميد الجيوش وخرج.

ولمَّا كان سنة إحدى وأربع ومئة عرض بنيسابور وباءٌ عظيمٌ، فغسل أبو سعدٍ عشرةَ آلافٍ وواراهم، ودخل يومًا على محمود بن سُبُكْتِكين، فقال: يا محمود، قد ضاق صدري لأنك قد صِرْتَ تُكدِّي. قال: وكيف؟ قال: بلغني أنك تأخذُ أموال الضعفاء، وهذا هو التكدية. وكان محمود قد وظَّفَ على أهل نيسابور شيئًا فكفَّ عنه.

وفيها توفِّي أبو الحسين بن بهاء الدولة بشيراز، فجلس عميد الجيوش في العزاء ثلاثة أيام، وكان قد أصعد العميدُ من أول هذه السنة من واسط إلى بغداد.

وفيها ملك بنُ واصل الأهوازَ واستولى عليها، وحاربَه أصحابُ بهاء الدولة، فانهزم وعاد بهاء الدولة إلى القنطرة، وملك الأهواز، وهَمَّ بالقبض على الوزير أبي غالب وعميد الجيوش، وكانا قد استوحشا منه، وعلم أنهما متى فارقاه لم يرْجِعا إليه، وكانت خزائنُه قد نفدت عند مقامه على القنطرة، فشره إلى ما قيل له عن أموالها، فأطلع بعضَ خواصِّه على ذلك، وهو أبو الخطاب، فأنذر عميدَ الجيوش، وقال: فرِّقْ أصحابَك. ففرَّقهم، ثمَّ قال لبهاء الدولة: عميد الجيوش ليس له مال، وإنَّما المالُ لأصحابه، وقد فرَّقهم في الجهات، فإن قبضتَ عليه هربوا، ولم يحصل لك شيء، وأمَّا أبو غالب فأكثر أمواله بفارس، وما جاءك إلَّا جريدةً، فإن قبضتَ عليه ها هنا تمزَّقت أموالُه بفارس، ولم يتعوَّض منه شيء.