أتتني القوافي الباهراتُ تُحمِّلُ الْـ … بدائعَ من مُسْتحْسنِ الجِدِّ والرُّخصْ
فقابلتُ زهْرَ الرَّوضِ منها ولم أَكدْ (١) … وأحْرَزْتُ دُرَّ البحرِ منها ولم أغُصْ
فإنْ كنتُ بالببَغاء قِدْمًا مُلقَّبًا … فكمْ لَقَبٍ بالجَوْرِ لا العدلِ مُختَرَصْ
وبعدُ فما أخشى تقنُّصَ جَارحٍ … وقلبُكَ لي وَكْرٌ وصدرُكَ لي قَفَصْ
وقال: [من البسيط]
سلوا الصبابةَ عنِّي هَلْ خَلْوتُ بِمَنْ … أهوى مع الشَّوقِ إلَّا والعفافُ معي
وحافظي من دواعي الحبِّ معرفتي … أنِّي من المجدِ في مُرادِ مُستَمِعِ
تأبى الدناءةَ لي نفسٌ نفائِسُها … تسعى لغير الرِّضا بالرَّيِّ والشِّبَعِ
وهمَّةٌ ما أظنُّ الخطَّ يُدْرِكُها … إلَّا وقَدْ جاوزتْ بي كلَّ مُمتنِعِ
لا صاحبَتْني نفسٌ إنْ هَمَمْتُ بأنْ … أرمي بها غَمَراتِ الموتِ لم تُطِعِ
على جناب العُلا حِلِّي ومُرْتَحَلي … وفي حمى المجدِ مُصْطافي ومُرْتَبعي
وما نضوتُ لباسَ الذُّلِّ عن أملي … حتى جعلتُ دُروعَ اليأسِ مُدَّرعي
وكلُّ مَنْ لم تؤدِّبْهُ خلائِقُهُ … فإنَّهُ بِعِظَاتي غيرُ مُنتفعِ
وقال: [من البسيط]
يا سادتي هذهِ رُوحي تُشَيِّعكُمْ … إنْ كانَ لا الصبرُ يُسليها ولا الجزَعُ
قد كنتُ أطمعُ في رُوحِ الحياةِ لها … فالآنَ مُذْ غِبْتُمُ لم يبقَ لي طَمَعُ
لا عذَّبَ اللهُ رُوحي بالبقاءِ فما … أظنُّها بعدَكُمْ بالعيشِ تنتفِعُ
وقيل: إنَّها للوَأوء الدمشقي.
وقال: [من البسيط أيضًا]
يا مَنْ تشابَهَ منه الخَلْقُ والخُلُقُ … فما تُسافرُ إلَّا نحوَهُ الحَدَقُ
توْريدُ دَمعي مِنْ خدَّيكَ مُخْتلَسٌ … وسُقْمُ جِسمي من جَفْنَيكَ مُسْتَرَقُ
لم يبقَ لي رَمَقٌ أشكو إليكَ بِهِ … وإنما يتشكَّى مَنْ بهِ رَمَقُ
(١) في تاريخ دمشق: يكد، وفي اليتيمة: أرع.