الشجرةِ الكرامِ البررة، النابتةِ في الأرومةِ المقدَّسةِ المُطهَّرة، وعلى خلفائه الأغصانِ البواسقِ من تلك الشجرة، وعلى ما خلُص منها وزكا من الثمرة.
أيُّها الناس، اتَّقوا اللهَ حقَّ تُقاتِه، وارغبوا في ثوابِه، واحذروا من عقابِه، فقد تسمعون ما يُتلى عليكم من كتابِه؛ قال الله ﷿: ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾ [الإسراء: ٧١].
فالحذرَ الحذرَ، فكأن قد أفضَتْ بكم الدنيا إلى الآخرة، وقد بان أشراطُها، ولاح شَراطُها، ومناقشةُ حسابِها، والعرضُ على كتابِها، ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧ - ٨]، اركبوا سفينةَ نجاتِكم قبل أن تغرقوا، واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرَّقوا، وأنيبوا إليه خير الإنابة، وأجيبوا داعيَ اللهِ على باب الإجابة، قبل ﴿أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ﴾ إلى قوله: ﴿فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٨)﴾ [الزمر: ٥٦ - ٥٨] فتيقَّظوا - رحمكم الله - من الغفلة والفترة، قبل الندامة والحسرة، وتمنِّي الكرَّة والتماس الخلاص، ولاتَ حينَ مناص، وأطيعوا إمامَكم ترشُدوا، وتمسَّكوا بولاة العهود تهتدوا، فقد نصبَ اللهُ لكم عَلَمًا لتهتدوا به، وسبيلًا لتقتدوا به، جعلنا الله وإيَّاكم ممَّن تبعَ مُوادَه، وجعل الإيمان زادَه، والهمَّةَ تقواه ورشادَه، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين.
ثمَّ جلس وقام، فقال: الحمد للهِ ذي الجلالِ والإكرام، وخالِقِ الأنام، ومُقَدِّرِ الأقسام، المنفردِ بحقيقة البقاء والدوام، فالقِ الإصباح، وخالقِ الأشباح، وفاطرِ الأرواح، أحمدُه أولًا وآخرًا، وأستشهده باطنًا وظاهرًا، وأستعينُ به إلهًا قادرًا، وأستنصره وليًّا ناصرًا، وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، شهادةَ مَنْ أقرَّ بوحدانيته إيمانًا، واعترفَ بربوبيَّتِه إيقانًا، وعَلِمَ بُرهانَ ما يدعو إليه، وعَرَفَ حقيقةَ الدِّلالةِ عليه، اللهمَّ وصَلِّ على وليِّكَ الأزهر، وصديقِكَ الأكبر، عليِّ بن أبي طالب، أبي الأئمة الراشدين المهديِّين، اللهمَّ وصَلِّ على السِّبطين الطاهِرَين، الحسنِ والحُسين، وعلى الأئمةِ الأبرار، والصفوةِ الأخيار، مَنْ قامَ منهم وظهر، ومَنْ خافَ فاستتر، اللهمَّ وصَلِّ على الإمام المهديِّ بِك، والذي بلَّغَ بأمرِك، وأظهر حجَّتَك، ونهض بالعدل في بلادِك، هاديًا لعبادِك، اللهمَّ وصَلِّ على القائم بأمورِك، والمنصورِ بنَصْرِك، اللَّذَينِ بذلا نفوسَهما في رضاك، وجاهدا عِداك،