للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللهمَّ وصَلِّ على المُعزِّ لدينك، المجاهدِ في سبيلك، المُظهرِ للآيات الخفيَّة، والحُججِ الجليَّة، اللهمَّ وصَلِّ على العزيزِ بك، الذي مهَّدْتَ به البلاد، وهديتَ به العباد، اللهمَّ واجعَلْ نوامي صلواتِكَ وأزكى بركاتِكَ على سيِّدنا ومولانا إمامِ الزمان، وحصنِ الإيمان، وصاحبِ الدعوة العلوية، والمِلَّةِ النبويَّة، عبدِكَ ووليِّكَ المنصورِ أبي علي الحاكمِ بأمرِ الله أميرِ المؤمنين، كما صلَّيتَ على آبائه الراشدين، وأكرمتَ أجدادَه المهديِّين، اللهمَّ وفِّقْنا لطاعته، واجمَعْنا على كلمتِه ودعوتِه، واحشُرْنا في حزبِه وزُمرَتِه، اللهمَّ أعِنْه على ما وَلَّيتَهُ، واحفَظْه فيما استرعيتَه، وبارِكْ له فيما آتيتَه، وانصُرْ جيوشَه، و [أعلِ] (١) أعلامه في مشارق الأرض ومغاربها، إنك على كل شيء قدير.

وسبب الخطبة مراسلةُ الحاكم، وكان قِرْواش بعث إلى الحاكم أبا الحسن علي بن الحسين بن أبي الوزير كاتِبَه، وبعث إليه هدايا وألطافًا، فكتب أبو الحسن إلى قِرْواش من طريقه يقول: أقِمِ الدَّعوةَ وقد (٢). . .، فأقامها بالموصل، وانحدر إلى الأنبار، فأمر الخطيب بإقامتها، فهرب إلى دار القادر، وصار قِرْواش إلى الكوفة، فأقامها يوم الجمعة الثاني من ربيع الأول، وبعث إلى قصر ابن هُبيرة والمدائن فأقامها بها في التاسع من ربيع الأول، وخاف العلويُّون والعباسيُّون الذين بالكوفة، فجاؤوا إلى واسط وبغداد، ومضى مَنْ كان بها من الدَّيلم إلى واسط، وكشف قِرْواش القناع، وأظهر المُباينة، وأدخل يدَه في المعاملات السُّلطانيّة، وعسَفَ الناسَ (٣)، وورد على الخليفة من هذا الأمر ما أزعجَه، فراسلَ عميدَ الجيوش في تجريدِ العساكر، والنهوض لهذا الحادث وتدارُكِه، وكاتب بهاء الدولة، وبعثَ إليه أبا بكر محمَّد بن الطيب الأشعري رسولًا، وحمَّله في هذا المعنى قولًا طويلًا، وكان عميد الجيوش بواسط لمعاونة ابن مَزْيَد على بني دُبيس. قال القاضي أبو جعفر السِّمناني: انحدرتُ مع ابن الطيب في هذه الرسالة إلى البصرة، ومضينا في البحر إلى جُرْجان، فوصَلْنا إلى بهاء الدولة، فسلَّم القاضي الكتبَ إلى أبي الخطَّاب، وطلب الإذْنَ على بهاء الدولة، فأدخَلَنا عليه، فسلَّم عليه القاضي وخدَمُه، وبلَّغَه الرسالةَ، فقال: واللهِ إنَّ عندنا من هذا الأمر أكثرَ ممَّا عند أمير المؤمنين؛ لأنَّ


(١) ما بين حاصرتين من المنتظم والنجوم الزاهرة.
(٢) بعدها في الأصل الوحيد (خ) كلمتان غير واضحتين.
(٣) أي: سامَهم ظُلمًا وجَوْرًا.