وفيها سار فخر الملك أبو غالب إلى هلال بن بدر بن حسنويه، وأخذ القلعة منه.
ذكر السبب:
كانت أم هلال من الساذنجانية، ولمَّا ولدَتْه لم يرِقَّ أبوه عليه، ولا عادَ قَرُبَ أمَّه، وأخرجه معها إلى قرية على فرسخين من سابور خواست، وكان هلالٌ يزور أباه في الأيام ويخدمه، ويرجع إلى موضعه، فاشتدَّ، وكان يركب الخيلَ مع أبيه إلى الصيد، فخرج يومًا مع أبيه، فعرَضَ سَبُعٌ -وكان من عادة بدرٍ إذا رأى سَبُعًا أن يُمسِكَ أصحابَه عنه، ويقتُلَه بدر- فبادر هلالٌ فقتل السَّبُعَ، فغاظ ذلك بدرًا، ونال منه وشتَمَه، وكان يرى أصحابَ أبيه متمكِّنين من دولته، ولهم الأموال الكثيرة، فيَغيظُه ذلك، واستوحش من أبيه ومن أبي عيسى شاذي، ثمَّ أقطعه بدر الدامغان، وهو رسداق بعيد، وفيه عشر قُرى، ومَغَلُّها مئتا ألف درهم، وأراد إبعادَه عنه، وسَهَّلَ على هلالٍ مُقامَه بالدامغان مع انفراده بأمره وبين الدامغان وشهرزور مسافةٌ قريبة، وكان بشهرزور رجلٌ من أهلها - يُعرف بابن ماضي - قد غلب عليها وتملَّكلها، وكان قد جعل لبدر عليه في كلِّ سنةٍ مالًا وَفُورًا، فأساء هلالٌ جوارَه، ورعى زَرْعَه، وتعدَّى حدودَه، فكتب ابن ماضي إلى بدر: قد علمتَ تمسُّكي بحبلِكَ، وكوني تحت ظِلِّكَ، ولو طرقني طارقٌ ما دفعتُه إلَّا بِكَ، وقد آذاني ولدُكَ، فكتب إليه بدر: المصلحةُ مُداراةُ هلالٍ وملاطفتُه. ففعل، وقرَّر له عليه في كلِّ سنةٍ مئةَ ألف درهم، فلم يقنَعْ، وجمع ليقصده، فاستصرخَ ابنُ ماضي ببدر إلى ابنه يقول: هذه الناحية لي، وابنُ ماضي صاحبي، ولئن لم تُمسِكْ عنه وتُحسِنْ جوارَه لأسيرنَّ إليكَ بنفسي. فأجابه هلالٌ: قد حلفتُ يمينًا لابُدَّ لي منه، وأن لا أرجع عنه حتى أدخل بلدَه. فقال بدر: سِرْ إليه ومعك نفرٌ يسير، وأنا آمُرُه أن يفتحَ لكَ البابَ وتدخل، فتبرَّ في يمينك. فغالطه وسار إلى ابن ماضي، فحصره، وفتح البابَ، وقتلَ ابنَ ماضي وأهلَه، واستولى على خزائنه وأسبابه، وبلغ بدرًا فشقَّ عليه، وبعث في طلب ابنِه العسكرَ، وأخذ منه شهرزور وطردَه منها، فأقام مدةً يفسد على ابنه الطوائفَ ويُميلهم إليه، وأوسع عليهم، فحملوه على قتال ابنِه، فسار في الجيوش، وكانت طائفةٌ - يقال لها: النوربكان هي أعظم عسكره - قد أطمعوه في أبيه، فالتَقوا على باب الدِّينَوَر. وقيل: كان ذلك في ذي الحجَّة سنة أربع مئة - فانحاز النوربكان الذين كانوا