وفيها تُوفِّي أبو إسحاق إبراهيم بن مُعِزّ الدولة بن بُوَيه بمصر.
وفيها تُوفِّي [أبو] علي المحسن بن إبراهيم الصابئ.
وفيها انحدر عميدُ الجيوش إلى واسط مصعدًا لأبي الهيجاء الجرجاني إلى الكوفة ليلقى الحاجَّ، وكان قد اعترض لهم بالقادسية قومٌ من العرب.
وفيها قُلِّد أبو العباس أحمد بن محمَّد الماوردي الحكم من دار الخلافة نيابةً عن أبي محمَّد بن الأكفاني في الحكم بالحضرة، فامتنع ابنُ الأكفاني، وقال: أنا رجلٌ حنفيٌّ وهذا شافعيٌّ، وما جَرَتْ عادةُ الشافعيةِ أن يتولَّوا في العراق القضاءَ المُنصَّبَ للحنفية، وما أُريد أن يكون هذا نائبي. وخرج توقيعُ القادر بنيابة الماوردي، وقُرِئ في المواكب، فأقام ابنُ الأكفاني في داره، وامتنع من حضور الموكب، وأغلق بابَه، فكتب أبو حامد الأسفراييني يقول للخليفة: هذا قد خالفَ أمرَكَ، واعترضَ عليكَ في رأيِكَ، وخرجَ عن طاعتِكَ. فغاظ ذلك الخليفةَ، وكتب للماوردي توقيعًا بالقضاء رياسةً لا نيابةً، فكتب الأسفراييني إلى محمود بن سُبُكْتِكين بخراسان بأنَّ الخليفة ساخطٌ على الحنفيين، وأبعدَهَم وأبطلَ أمْرَهم، ونقل القضاءَ إلى الشافعية، وكان محمود على رأي أبي حنيفة، فما أعجبه ذلك، وانقسم الناس ببغداد حزبين حنفية وشافعية، فكان الرضيُّ الموسوي وأبو بكر محمَّد بن موسى الخُوارَزمي وابن الأكفاني والحنفيُّون حزبًا، والأسفرايينيُّ وابنُ حاجب النعمان والماورديُّ والشافعيُّون حزبًا، ووقعت الفتن، وكتب الرضيُّ إلى فخر الملك أبي غالب وهو بسابور، وكان بهاء الدولة قد ولَّاه العراق، وكان في مجلس فخر الدولة أبو القاسم بن كج القاضي الدِّينَوري، وكان سيئَ الرأي في الماوردي، فقال لفخر الدولة: هذا رجلٌ استعملناه على الحكم في قريةٍ من قُرى الجبل، فخان واقتطع أموال اليتامى والأوقاف، وطلبناه فهرب، أَمَحِلَتْ بغدادُ مِنْ رجلٍ يتولى الحكم؟ فكتب فخر الملك إلى الرضي بصورة الحال، فأشاع ذلك، وبلغ الخليفةَ، فأعاد أبا محمَّد بن الأكفاني إلى القضاء، وصرف الماوردي، وتبيَّن للخليفة تفاضُلُ الإسفراييني، فطرده عن دار الخلافة، وانحرف عنه، وشفع فيه فخر الملك بعد مدة إلى الخليفة، فقال: لو أمكنَّا فيه شفاعةً لكنتَ أولى، ولكنَّا قد لزمَتْنا أَيمانٌ، لا فُسحةَ لنا فيها. ومات أبو حامد الإسفراييني والخليفةُ ساخطٌ عليه.