نصرٍ ويستدعيه إليه، فأسرع، وسبق أصحاب شروة، وجاء إلى أرْزَنَ فدخل الحِصْنَ، وعَلِمَ شِرْوةُ، فقامت قيامتُه، وانتقضَ عليه أمرُه، وكان مروان والد الأمراء قد أضرَّ، وأقام هو وزوجتُه بأَرْزَنَ عند تربة أبي علي الحسن، فأحضرَهما، وخاطَب الأميرَ أبا نصرٍ وأحلَفَه بين أيديهما على القبول والعمل بما يُدبِّره، وإذا رتَّب فِي الإمارة وجمع عليه الكلمة أحسنَ السيرة وعدل فِي الرعية، وعرف له حقَّ الخدمة، وأحضر القاضي ووجوهَ البلد، فشَهِدوا عليه، فلمَّا توثَق منه قبَّلَ الأرض بين يديه، وحمل إليه مالًا وثيابًا وخيلًا، وكاتب الأكرادَ، فجاء منهم عددٌ كثير، وسار خواجا فِي ألفي فارس إلى ميَّافارقين، فكبسَ الرَّبَضَ ونهَبَه، وخرج إليه شِرْوةُ، فاستظهر خواجا عليه، وعاد إلى أرْزَنَ بالغنائم، ثم جمعَ وحشَد، وسارَ ومعه الأمير أبو نصر إلى ميَّافارقين، فنزلا على فرسخين منها، وكان أهلُ البلدِ قد كرهوا شِرْوة وأبغضوه، وكاشفوه، وصار يسمع لعنتَه فلا يَسعُه الإنكار، فأشار عليه ابن قيلوس باستدعاء ملك الروم، وتسليم البلد إليه، فكاتبه، وجمع ما كان فِي الخزائن من الأموال والجواهر والأواني، وبعث بها إلى آمِد وديعةً عَند ابن دِمنْة لمكان صداقته منه، وشاع فِي مَيَّافارقين بأنَّ شِرْوةَ يريد أن يُمسِكَ عليهم أبوابَ الجامع يوم الجمعة ويقتُلَهم، فلمَّا كان يومُ الجمعة اجتازَ ابنُ قيلوس على باب الجامع وبين يديه ضوضاء، فلم يشُكَّ الناسُ أنَّه يريد بهم ذلك، فثاروا، وانهزمَ ابنُ قيلوس إلى القصر، وقاتلهم أصحابُ شِرْوة وتلطَّفَ بهم، فقالوا: نُريد ابن قيلوس. فلم يُسْلِمْه إليهم، وفرَّق ابن قيلوس فِي أصحابه السلاح والخزائن، وخرج فقاتلهم، وقُتِل من أهل البلد جماعةٌ، وانهزم الباقون، وضرب رجلٌ ابنَ قيلوس فصرعَه، وقطعَ رأسَه، وسحبَ الصبيانُ جسدَه فِي البلد، ومثَّلوا به وأحرقوه، ثم قصدوا القصر فنهبوه، ونجا شِرْوة إلى البرج المعروف بِبُرج الملك، واستصرخ بشيوخ البلد، فجاؤوه وأمَّنوه، على أن يتوسَّطوا أمرَه مع الأمير أبي نصر، فنزل إلى دار شيخٍ منهم - يُعرف بأبي الطيب بن عبد - وكاتبَ العوامُّ أبا نصر، فدنا من البلد، وبعث إليهم يطلب شِرْوة، فامتنعوا، ووقع الخُلْفُ بينهم وتحزَّبوا، وأجمعوا على رجلٍ منهم يُعرف بأبي طاهر بن الحمَّامي، وقدَّموه، ورَضُوا به أيامًا، ثم اعتزل عنهم، وكان بالسوق