الدين - شرفُ الدولة مؤيِّدُ المِلَّة ومغيثُ الأمة - صفيَّ أمير المؤمنين، وعلَّم القادرُ عليه، وأُحضِرَتِ الخِلَعُ السبعة، وفيها التَّاج، والطوق، والسواران، ولواءان على العادة، ومراكب الذهب، وحلف الخليفةُ لسلطان الدولة، وأعطى الخليفةُ لفخر الملك سيفًا أَحمر الجَفْن، مُحلَّى الحمائل، وقال للخادم: قَلِّده به، فهو فخرٌ له ولعَقِبه، يُفتح به على يديه شرقُ الأرض وغربُها، وكان يومًا عظيمًا جليلًا (١).
وسُلِّمتِ الخِلَعُ إلى مردوست وأبي بكر بن المُعلِّم، وبعث الخليفةُ من عنده القاضي أبا حازم محمد بن الحسن وخادمين ناجي ودوام، والعهد من إنشاء ابن حاجبِ النعمان، وكان فِي أوَّله: من عبد الله أبي العباس أحمد الإمام القادر بالله أمير المؤمنين إلى فناخسرو بن قوام الدين بهاء الدولة أبي نصر مولى أمير المؤمنين، وذكر ما جَرَتْ به العادة فِي العهود، ولمَّا وصلتِ الخِلَعُ إلى شيراز لبسها سلطان الدولة.
وجاء كتاب محمود بن سُبُكْتِكين يعتِبُ على القادر قولَه لمَّا أعطى السيف لفخر الملك: إنَّك تفتحُ الدنيا من مشرقها إلى مغربها. فاعتذرَ، وبعث إلى محمود بالخِلَع السُّلطانية والتاج والطوق والسوارين.
وفيها استولى الحاكم [صاحب مصر] على حلب، وزال ملك بني حمدان عنها. قال هلال بن الصابئ: كان فِي قلعة حلب والٍ يُقال له: الفتح غلامُ ابنِ لؤلؤ، فاتَّهمه أنَّه واطأ صالح بن مِرْداس على الهرب من قلعة حلب، فراسله فِي ذلك، فأنكر الفتحُ، وحلف واعتذر، فلم يقبل عُذْرَه، واستوحش الفتحُ، وفسد قلبُه وخاف، وعزمَ ابنُ لؤلؤ على عزلِ الفتح وإنزالِه من القلعة، وكان مقيمًا لا ينزل، وابنُ لؤلؤ مقيمًا بالبلد، وجميعُ أموالِه وذخائرِه فِي القلعة، ويستدعي منها ما أراد، وكان بحلب شيخ يُقال له: ابن غانم، له مال وثروةٌ، وابنُ لؤلؤٍ طامعٌ فيه ومدبِّرٌ فِي القبضِ عليه ومصادرتِه، وقد عرف ذلك، فهو يخافه ويحذَرُه، وكان بين غانمٍ والفتحِ مودةٌ، فلم يَزلْ يوحِشُه من ابن لؤلؤ ويحسِّنُ له العصيانَ عليه، ثم خلا ابنُ لؤلؤ بأخيه أبي الجيش وقال له: قد علمتَ ما عاملني به الفتحُ، وما يَقِرُّ لي قرارٌ حتَّى أشفيَ غيظي منه، وقد اخترتُ سرورًا غلامي أُوَلِّيه القلعة، وأُنزِلُ الفتحَ منها، فقال له: اكتُمْ هذا الأمرَ؛ لئلا يتِمَّ الأمرُ والخبرُ إلى