للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرضي فبِيعَ بتسعةٍ وأربعين درهمًا، فعلمتُ أني مدَحْتُه وهو مُضيَّقٌ. فباع الصحنَ، وأنفذ ثمنه إليَّ.

قال أبو الحسين بن محفوظ: سمعتُ جماعةً من أهل العلم بالأدب يقولون: إنَّ الرضيَّ أشعرُ قريش. قال: وهذا صحيح؛ قد كان فِي قريش مَنْ يُجيد القول، إلَّا أنَّ شِعْرَه قليلٌ، فأمَّا مُجيد مُكثِرٌ فليس إلَّا الرَّضي.

وقال أبو غالب بن بِشْران: رُفِعَ إلى القادر أنَّ الرضيَّ قال أبياتًا وهي: [من الخفيف]

ما (١) مُقامي على الهوانِ وعندي … مِقْوَلٌ صارمٌ (٢) وأنفٌ حَمِيُّ

وإباءٌ مُحَلِّقٌ بي عن الضَّيـ … ـــمِ كما راغَ طائِرٌ وحْشِيُّ

أيُّ عذرٍ لهُ إلى المجدِ إن ذُلَّ … غلامٌ فِي غِمْدِه المَشْرَفيُّ

ألبَسُ الذُّلَّ فِي ديارِ الأعادي … وبِمصرَ الخليفةُ العَلويُّ

مَنْ أبوهُ أبي ومولاهُ مولايَ … إذا ضامني البعيدُ القصيُّ

لفَّ عِرْقي بعرقِه سَيِّدا النَّاسِ … جميعًا محمدٌ وعليُّ

إنَّ خَوْفي فِي ذلِكَ الرَّبعِ أمْنٌّ … ومُقامي بذلِكَ الورْدِرِيُّ (٣)

قد يُذَلُّ العزيزُ ما لم يُشمِّرْ … لانطلاقٍ وقَدْ يُضامُ الأبِيُّ

كالذي يقبِسُ (٤) الظلامَ وقد أقْـ … ــــمَرَ مِنْ خلفِهِ الهلالُ المُضِيُّ

فلمَّا وقف عليها القادرُ قامَتْ عليه القيامة، واستدعى أبا بكر محمد بن الطيِّب وأنفذه إلى الشريف أبي أحمد والد الرضي، وقال: قُلْ له: قد علمتَ موضِعَكَ مِنَّا ومنزِلتَكَ عندنا، ومعرِفَتَنا بصدق المُوالاةِ منك، وما تقدَّم لك فِي خدمتنا، وما لَكَ على هذه الدولة من حقوق، وليسَ من الجائز أن تكون على خليقةٍ نرضاها، ويكون ولدُكَ


(١) فِي (خ) و (ف) والمنتظم: كم، والمثبت من ديوانه ٢/ ٥٧٦.
(٢) فِي (خ) و (ف) والمنتظم: قاطع، والمثبت من ديوانه أيضًا.
(٣) البيت فِي الديوان هكذا:
إنَّ ذُلِّي بذلك الجوِّ عِزٌّ … وأُوامي بذلِكَ النَّقعِ رِيُّ
والأُوام: العطش. المعجم الوسيط (أوم).
(٤) فِي الديوان: يخبط، والمثبت من (خ) والمنتظم.