للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للزيارة، فقالت [له]: يا محمد، القصصُ التي كنتُ أرفعُها إليك ولا تلتفتُ إليها قد رفعتُها إلى الله، وأنا منتظرةٌ خروج التوقيع من جهته. فلمَّا قُبِضَ عليه قال لبعض أصحابه: لا شكَّ أن توقيع تلك المرأة قد خرج.

وقتله سلطانُ الدولة بالأهواز، وكان عمرُه اثنتين وخمسين سنة وأشهر، وأخذ من ماله نيِّفًا وست مئة ألف دينار سوى الضياعات والثياب والفرش والآلات، وقيل: إنَّه وُجِدَ له ألف ألف ومئتا ألف دينار، و [كان] الذي أثار هذه الأموال أبو علي الرُّخَّجي الوزير، وكانت ودائعَ عند الناس، وكان فخرُ الملك لمَّا فتح قلعة بدر بن حسنويه وأخذ منها تلك الأموال العظيمة، احتجزَ لنفسه ما يزيدُ على ثلاثة آلاف ألف دينار، وأودَعَها عند جماعة، فوقف الرُّخَّجي على تذكرة بخطِّ فخر الملك، فاستخرجها من غير أن يُفزعَ أحدًا [بعصاة، لما نذكر في ترجمة الرُّخَّجي]. وقيل: أخذ منه -زيادةً على ما ذكرنا- ثلاثين ألف ألف دينار (١)، ومن الجواهر واليواقيت ما يساوي ألفي ألف دينار.

وقال هلال بن الصابئ: وفي يوم الجمعة سابع مُحرَّم برز فخر الملك إلى معسكره متوجِّهًا إلى سلطان الدولة إلى الأهواز الدفعة الثانية، وذلك أنَّه لمَّا عاد إلى بغداد أقام فيها ثلاثةَ أشهر، ووردتْ كتُبُ سلطان الدولة، وأبو الخطاب والأمير (٢) أبو المسك يُعلِمونه فيها حصول أبي الفوارس بن بهاء الدولة بفارس (٣)، وتوجّهه إلى أَرَّجان، وانصراف الأوحد وخُمارتكين البهي من بين يديه، ويحثُّونه على المبادرة، فسار إلى واسط، والكتب تتواتر إليه مع الرِّكابِيَّة، ووافى فوَّهة نهر العباس خامس صفر، وشغَبَ الجندُ، وطلبوا الأرزاق، فاتَّهمه أبو الخطاب أنه وضعهم على ذلك، وتجدَّدت الوحشة أضعافَ ما كانت، وسكَّنَ فخرُ الملك الغِلْمانَ، واتَّفق أنَّ أبا الخطاب مرض وأُرجِفَ عليه، ونُقل إليه أنَّ فخر الملك أحضر المُنجِّمين وقالوا: عليه قطع. فقال أبو الخطاب: سوف نرى مَنْ عليه القطع. قال أبو منصور بن مردُوسْت: فقلتُ لفخر الملك: أبو الخطاب متنكِّرٌ عليك، وقد بلغه عنك ما أوغر صدرَه، فقُمْ بنا الليلةَ نمضي


(١) المثبت من (ف)، وفي باقي النسخ: درهم.
(٢) تحرفت في (ف) إلى: الأثير، وفي (خ) إلى: لأبتر.
(٣) في (ف): بفاس.