للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جامع راشدة على (١) النيل في مصر، ومساجدَ كثيرة، ونقل إليها المصاحفَ المُفضَّضةَ، والسُّتورَ الحريرَ، وقناديلَ الذهبِ والفضة، ومنع من صلاة التراويح عشر سنين، ثم أباحها، وقطع الكروم، ومنَعَ من بيعِ العِنَب، ولم يُبْقِ في ولايته كرمًا، وأراق خمسةَ آلاف جرَّةٍ من عسل في البحر؛ خوفًا من أن يُعمَلَ نبيذًا، ومنعَ النساءَ من الخروج من بيوتهنَّ ليلًا ونهارًا، وجعل لأهل الذِّمَّة علامات يُعرفون [بها] (٢)، وألبسَ اليهودَ العمائم السُّودَ، وأمرَ أن لا يركبوا مع المسلمين في سفينة، وأن لا يستخدموا غلامًا مسلمًا، ولا يركبوا حمارَ مسلم، ولا يدخلوا مع المسلمين حمَّامًا، وجعل لهم حمَّاماتٍ على حِدة، ولم يُبْقِ في ولايته ديرًا ولا كنيسةً إلا وهدمها، وهدم القمامة، وبنى مكانها مسجدًا، ونهى عن تقبيل الأرض بين يديه، والصلاةِ عليه في الخُطب والمكاتبات [ثم رجع عن ذلك]، وجعل مكان الصلاة على أمير المؤمنين، ثم رجع عن ذلك، وأسلم خلقٌ من أهل الذِّمَّة؛ خوفًا منه، ثم ارتدُّوا، وأعاد الكنائس إلى حالها.

وقال ابن الصابئ: [حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن الخضر، قال]: كان الحاكم يواصل الركوبَ ليلًا ونهارًا، ويتصدَّى له الناسُ على طبقاتهم، فيقف عليهم (٣)، ويسمع منهم، فمن أراد قضاء حاجته قضاها في وقته، ومن منعه سقطَتِ (٤) المراجعة في أمره، وكان المصريُّون موتورين منه، فكانوا يدسُّون إليه الرِّقاع المختومة بالدعاءِ عليه، والسبِّ له ولأسلافه، والوقوع فيه وفي حُرَمِه، حتى انتهى فِعْلُهم إلى أن عملوا تمثال امرأةٍ من قراطيسَ بِخُفٍّ وإزار، ونصبوها في بعض الطّرق، وتركوا في يدها رُقعةً كأنَّها ظُلامةٌ، فتقدَّم وأخذَها من يدِها [ولم يشُكَّ في أنها امرأة]، فلمَّا فتحها رأى في أوَّلها ما استعظمَه، فقال: انظروا هذه المرأة مَنْ هي؟ فقيل له: إنَّها معمولةٌ من قراطيسَ، فعلم أنهم قد سخروا منه، وكان في الرّقعة كلُّ قبيح، فعاد من وقته إلى


(١) في (خ): في، والمثبت من باقي النسخ.
(٢) ما بين حاصرتين ليس في (خ)، وأثبت من باقي النسخ.
(٣) في (خ) و (ت): منه، والمثبت من (م) و (م ١).
(٤) في (م ١): يتعطف!