للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و "يحيى" لا ينصرف للمعرفة. وقال ابن عباس: أحيا الله به عَقْر أبويه بين شيخ وعجوز. وقال الزجاج: لأن الله أحيا قلبه بالإيمان والتقوى والنبوة والحكمة. وقال مقاتل: بالعصمة، فلم يهمَّ بالمعصية. قال أحمد بن حنبل: حدثنا عبد الرزاق بإسناده عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "ما مِن أحدٍ يَلقَى الله يَومَ القِيامَةِ إلا وقَد همَّ بمعصيَةٍ أو عَمِلَها إلا يَحيى بنَ زكَرِيَّا، فَإنَّه لم يهمَّ ولم يَعملها" (١).

وقال عمر بن عبد الله المقدسي: كان اسم سارة يسارة، فأوحى الله إلى الخليل إني مخرج منكما عبدًا لا يموت بمعصيتي اسمه حيٌّ، فتهب له سارة من اسمها حرفًا، فوهبت له الياء من أول اسمها، فصار يحيى وصارت يسارة سارة (٢).

قال ابن عباس في قوله تعالى: ﴿لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا﴾ إن الله لم يُسمِّ أحدًا قبله بهذا الاسم تشريفًا له، ولم يكل تسميته إلى أبيه وأمه. وقيل: لم يجعل له مثلًا وشبهًا.

وقال مقاتل في قوله: ﴿مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٣٩] قال: هي عيسى، قال له: كن فكان (٣).

واختلفوا في معنى: "الحصور":

فقال قوم: هو الذي لا يأتي النساء، لأنه ما كان له آلة.

قلت: وهذا ذم لا مدح، لأن الفضيلة أن لا يأتي النساء مع القدرة إلا أن يكون عِنِّينًا، وقد حكى الماوردي: أن الحصور: هو الذي يمنع نفسه عن شهواتها مع القدرة (٤). وهذا وجه حسن بخلاف الأول.

وقيل: هو الحليم.

وأصل "السيد" من ساد يسود إذا رأس وعلا، وهو اسم جامع للخصال المحمودة،


(١) أحمد في "مسنده" (٢٢٩٤).
(٢) انظر "عرائس المجالس" ص ٣٧٧.
(٣) انظر "زاد المسير" ١/ ٣٨٣.
(٤) انظر "زاد المسير" ١/ ٣٨٤.