للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جوابَه. فقالوا: سمعًا وطاعةً. فكتب الخليفةُ إليه: إنَّكَ قد أهملتَ الأمورَ، ووقع الخلَلُ، وإن لم تتداركِ الأمرَ وإلا خرج عن يدِكَ. فلم يَرِدْ جوابٌ مَرْضيٌّ، فآلَ الأمرُ إلى أنَّ الأتراكَ [قد] سألوا الخليفةَ أن يخطب لجلال الدولة [وهذا من العجائب]، فلمَّا كان يومُ الخميس رابع عشر جمادى الأولى نُودِيَ ببغداد بشعار جلال الدولة، وضُربَتِ الدبادِبُ والبوقات [ببغداد] على باب دار المملكة، وخُطِبَ له على المنابر، وفعل الأتراك الذين كانوا بواسط كذلك، وبعث التُّركُ الذين كانوا ببغداد رسلًا إلى جلال الدولة بذلك، وأنهم على طاعته، ولمَّا وصلت كتُبُهم إليه سار من البصرة إلى واسط، فنزل دارَ الإمارة سلخ جمادى الأولى وحلف الإسْفهسلارُ والأتراكُ على الحِفظِ والحراسةِ والعفو عمَّا مضى، وتركِ المؤاخذة بمحضرٍ من رسلهم، وبعث إليهم بنسخة اليمين، وعادوا إلى بغداد، وكان في الرسل منصور بن طاس (١) حاجب الخليفة وأبو صالح الموقر قاضي الأتراك، وأدَّوا الرسالة، وأشار أبو الوفاء نائب المملكة بانحدار الأقوياء منهم إلى واسط، ويبقى الذين ليس لهم حَيلٌ وتحمُّلٌ ببغداد، وكتبوا إلى جلال الدولة بذلك، فكتب مُنكِرًا على أبي الوفاء ويقول: كيف يجوز أن أستدعيَ عسكري لبَيكارٍ (٢) قبل الاجتماعِ معهم والنظرِ في أمورهم وإعانتِهم على سفرهم بالنفقاتِ، وطلب أيمانهم (٣)، فاجتمعوا في دار المملكة، وجدَّدوا الأيمان.

و [كان مسيرُه إليها من البصرة] وفي يوم الأحد لثمانٍ بَقِيَن من رجب اقترن زُحل ومريخ اقترانًا عجيبًا بَحيث ركب أحدُهما الآخرَ بمرأى العين.

وتُوفِّي أبو القاسم ابن [الخليفة] القادر بالله (٤).

وفيها وردَ كتاب محمود بن سُبُكْتِكين إلى الخليفة يذكر ما فتحه من بلاد الهند وكَسْرِه الصَّنمَ المعروفَ بسومنات [عنوان الكتاب مثل ما تقدَّم في كتبه ويُسلِّم على الخليفة


(١) في المنتظم ١٥/ ١٨٣: رطاس، والخبر فيه بنحوه.
(٢) البَيْكار: الحرب. المعجم الذهبي ص ١٧٥.
(٣) في (ف): أموالهم.
(٤) سترد هذه الترجمة قريبًا في وفيات هذه السنة.