للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يديه، ووافتِ الأجلَّ رسلُ (١) مسعود، فأكرمهم وردَّهم بالجواب الجميل، وشرع في الاستعداد، وتقدَّم إلى العساكر بأَخْذِ الأُهبة، وبينا هو يستعدُّ لهذا الخَطْبِ جاءه كتابٌ أنَّ جلال الدولة دخل الأهواز، فسار إليها مساعدًا لأبي كاليجار، لثلاثٍ بَقِينَ من ربيع الآخر، فوصلها سلخ جمادى الأولى، فوجد البلدَ منهوبًا، والسلطانَ منكوبًا، فرجع إلى فارس بسبب الخراسانية.

ومن العجائب أنَّه اتَّفق في هذه السنة اجتماعُ خمسةِ ملوك، كلُّ واحدٍ منهم يرومُ صاحبَه، ولم يتهيَّأ لواحدٍ منهم ما أراد، [وهم]: جلال الدولة، وابنه أبو منصور، وأبو كاليجار، ومسعود بن محمود، وابن كاكويه، ثم عاد جلال الدولة إلى العراق، وأبو كاليجار إلى الأهواز، ومسعود إلى خُراسان، وابن كاكويه إلى الريِّ، واستولى مسعود على أصبهان والريِّ وهَمْدان.

وفي ربيع الأول خرج أبو كاليجار والدَّيلم من واسط إلى الأهواز، وقد ذكرنا أنَّ جلال الدولة لمَّا وصل إلى واسط لم يقدِرْ على مقابلة أبي كاليجار، فقصد الأهواز، فخرج أبو كاليجار إلى الأهواز، وتأخَّر جماعة من التُّرك، فخُطِبَ بها لجلال الدولة، ومضى إلى الأهواز، فشاور أبو كاليجار أصحابَه، فاتَّفقوا أنَّه يُنفِذُ بعضَ العسكر إلى بغداد، فيستولي عليها، ويُحيطُ بدار الخلافة، ويأخذُ ما فيها، ويُقيمُ هو بواسط، فإن رجع الأتراكُ إليها دفعهم، فبينا هم (٢) كذلك وقعوا بكتاب من حسام الدولة ابن أبي الشوك إلى جلال الدولة وأصحابه، مضمونه أنَّهم مشغولون بأمر مُصَغَّر في جنب ما قَدْ دَهَمَ الدولةَ، هذا مسعود بن محمود قد استولى على الريِّ وأصبهان وهمدان، وأطاعه الخلقُ، وهو عازمٌ على قصد العراق، والمصلحةُ الصلح، وتكونون يدًا واحدةً وتدافعون هذا العدو. فوقف عليه أبو كاليجار والجماعةُ، ورأوا أن يبعثوا بالكتاب إلى جلال الدولة وإلى الإسْفهسلارية، ويتَّفقوا على الصلح، فكتبوا الكتاب، وبعثوا به، وقال الدَّيلم لأبي كاليجار: المصلحةُ أن تُدرِكَهم، فقد مضَوا إلى بلدٍ فيه أموالُكَ وخزائِنُكَ وأولادُكَ ووالدتُكَ، وتدافعهم وتمنعهم من ذلك. فقال: هذا هو المصلحة.


(١) في (م) و (م ١): رجال.
(٢) في (خ): فيما بينهم، والمثبت من (ت).