للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عساكري. فكتب إلى أخيه بذلك، فاغترَّ وسعار إلى هَراة، فلمَّا دخل على مسعود أمر به وبمدرك أخيه، فقبض عليهما، وأخذ أموالهما.

وفي رواية: قال ابن الصابئ: لمَّا وَلِيَ محمدٌ انهمك على الشرب واللَّذات، وسلم بابه إلى الحاجب والوزير، واعتمد عليهما، فوثب الحاجبُ على الوزير، فقبضه لمنافسة بينهما، ولم يعلم محمدٌ؛ لاشتغاله بما هو فيه، فلمَّا علم أمرَهما بالمصالحة، فثقُلَ ذلك على الحاجب وتغيَّر عليه، ووافى [مسعودٌ] (١) نيسابور، فخرج محمدٌ لقتاله، ولمَّا وصل إلى بكساباذ يوم الخميس سلخ رمضان أقامَ يومَه صائمًا، ثم عيَّدَ وأفطر، ورجعَ إلى عادته من الشُّرب، واتَّفق الجندُ على عَزْلِه، ووافقهم يوسفُ عمُّه وعليٌّ الحاجبُ، فراسلوه وقالوا: أضعتَ الأموال، وأهملتَ الأمور، وتشاغَلْتَ بالشُّرب على التدبير، ولا يستقيم [بكَ أمرٌ، ولا يستتمُّ] على يدِكَ ملكٌ، فإمَّا مضَيتَ مع عمِّكَ إلى أخيك مسعود، وإمَّا أن تقصد هذه القلعة فتقيمَ فيها، فلمَّا رأى الجندَ عليه، وفارقَه حاشيتُه، صَعِدَ إلى القلعة، فوكلوا به فيها، ومضى يوسفُ وعلى الحاجبُ إلى مسعود، فقبض عليهما وعلى وجوه الدولة وقتلَهم، وأخذ أموالهم، وكان مسعود قد أظهر بنيسابور، وورد كتابُ الخليفة عليه بتقليده خراسعان، وتلقيبِه إيَّاه الناصر لدين الله، الحافظ لعباد الله، ظهير (٢) خليفة الله، ولبس خِلَعًا وتاجًا وطوقًا وسِوارين، وركب وتحته فرسٌ بمركب ذهب، وبين يديه مثلُه، وعلى رأسه لواءان، وادَّعى أنَّها خِلَعُ الخليفة، فكان هذا ممَّا زاد أمرَه قوةً، والناسَ رغبةً فيه وطاعةً له، وكتب إلى الخليفة في هذا المعنى، وأطلق المِيمَندي واستَوْزَره، وكان محمود قد صادره، وأخذ منه خمسة آلاف ألف دينار عينًا، وبألف ألف دينار جوهرٍ وثيابٍ وأثاثٍ وغيرِه، وقتل مسعودٌ عليًّا الحاجبَ وأخاه مدركًا، وهَمَّ بإطلاق الوزير حسينك، فأُغري به، وأظهر ورود كتاب الخليفة بقَتْلهِ وصَلْبِه ورَجْمِه، فصُلِبَ، فكان الرجل يرميه بحجر ويقول: هذا بأمر مولانا أمير المؤمنين. ثُمَّ حُطَّ وسُلِّمَ إلى أهله، فدفنوه، وسَمَلَ محمودٌ أخاه محمدًا في القلعة.


(١) هذه الزيادة والزيادة الآتية من (ف).
(٢) في (خ): ظهر، والمثبت من (ف).