وأما عيسى: فقال الجَوْهَري: هو اسم عِبْرَاني أو سُرياني (١)، وقال أبو حنيفة ابن النُّوبي: قد اختلفوا في عيسى، فقال قوم: لا اشتقاق له، وقال آخرون: هو الأبيض، ومنه العِيس، وهي البِيضُ.
فإن قيل: فَلِم بدأ بلقبه ولم يبدأ باسمه في قوله: ﴿الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ﴾؟ فالجواب: ما ذكره ابن الأنباري، فإنه قال: المسيح أشهر، وعيسى يقع على عددٍ كثيرٍ بخلاف المسيح، فقدَّمهُ لشهرته، ثم قال: ألا ترى أنَّ ألقاب الخلفاء أشهرُ من أسمائهم.
وقال الزجَّاج: كانوا يسمُّون بعيسى ولا يعرفون المسيح، فلما سمعوا بقوا متحيِّرين.
فإن قيل: فَلِمَ نسبهُ إلى أُمه بقوله: ﴿عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ﴾؟ قلنا: لينفي عنه ما ادَّعت النصارى من النبوَّة حيث أضافوه إلى الله تعالى.
و"الوجيه": الذي له جاهٌ ومنزلةٌ رفيعةٌ ﴿وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾ [آل عمران: ٤٥]، عند الله في الدنيا والآخرة.
﴿وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ﴾ أي: طفلًا قبل أوانِ الكلام، والمهدُ مأخوذٌ من التمهيد وهو التوطئة.
وقال ابن عباس: تكلم في المهد ساعةً ليُبرِّئ أُمَّه مما قُذفت به، ولم يتكلم بعد ذلك حتى بلغ مرتبة النطق.
وحكى الثعلبي عن مجاهد، قال: قالت مريم: كنت إذا خلوتُ أنا وعيسى حدثته ويحدثني، فإذا شغلني عنه إنسان سبَّح في بطني وأنا أستمع.
﴿وَكَهْلًا﴾ [آل عمران: ٤٦]. قال الفرَّاء: الكهل عند العرب من جاوز الثلاثين لاجتماع قوته وشبابه، من قولهم: اكتهل النبات. أي: استوى.
وقال ابن فارس: الكهل من وخَطَهُ الشيب، والعرب تمدح بالكهولة لأنها الحالة الوسطى في احتناك السن، واستحكام الرأي، وغزارة العقل والتجربة.