للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

داره، فبعث أولادَه وحرمَه إلى دار الخليفة، وعبر ليلًا إلى دار المرتضى ومعه وزيره المتجدِّد قوام الملك (١)، واجتمع قوامُ الملك بالإسْفَهسلارية وبعضِ الغلمان، فأظهروا الانزعاج من مفارقةِ الملكِ دارَه.

وفي صفر ورد رسول مسعود بن محمود إلى بغداد، وأدَّى ما يحمله من الرسالة عن صاحبه، وأنه تزوَّج الأميرُ أبو شجاع بن مسعود بنتَ أبي كاليجار بشيراز، وعقد العقد هناك، ونثرَ الأجَلُّ العادلُ الوزيرُ الدنانيرَ والدراهمَ والمسكَ والعنبرَ، وتزوَّج أبو كاليجار أختَ مسعود بخراسان، ونُثِرت الدنانير والدراهم، وقَويَت الأخبار بورود أبي كاليجار إلى العراق، فكاتبه حاجب الحُجَّاب (٢)، وأنه استحلف له الغلمان، وراسل الملكُ الإسْفَهسلارية وقال: قد علمتُم حالي معكم، وما لي إلا البلغةُ القاصرةُ، والبلاد لكم، ومتى ورد الدَّيلم هذه البلاد نزلوا في دوركم، وأخذوا نعمتكم، وهذا بارسطغان يَسعى في خراب الدولة، فإن كنتم دخلتم معه خرجتُ من بينكم. فقالوا: نحن عبيد مولانا. ثم اختلفوا، فضربَتْ كلُّ طائفةٍ عسكرًا في مكان، وأرسل إليه الغلمان وقالوا: قد قنِعْنا بالخبز والشعير. ثم اتَّفقوا على الملك، ولم يبْقَ معه منهم إلا اليسير وحاشيتُه، فانفذ إلى الخليفة الماوردي يقول: ما يدَع بارسطغان فساده، وإذا كنتَ لا تُسلِمُه إليَّ فلا أقل من أن تنقُلَه من جوارك إلى باب [النُّوبي] (٣)، فأرسل الخليفةُ إلى الحاجب يقول: قد راسَلْنا الملِكَ بكذا وكذا، والتمَسَ منَّا حسم المواد بنقلك إلى باب النُّوبي. فقال: [أمْرُ] أمير المؤمنين ممتثَلٌ، وأمَّا انتقالي من موضعي فما أفعله، فإمَّا أن أُقيَّد ويُفعَلَ بي ما يُراد، وإمَّا أن يُرسَمَ لي بالانصراف، فأخرجَ الساعة وقد خدمتُ الخليفةَ الماضي ومولانا، وقد استجار بهذه الدار مَنْ هو دوني فأُجيرَ، فلا أَقلَّ من أن أنزل أو أنصرف مُختارًا كما جئتُ [مختارًا]، وليس كلُّ ما يقال عنِّي حقٌّ، وبلغ الخليفةَ قولُه، فأمَّا الملِكُ فسكَتَ، وأمَّا الخليفةُ فأعاد إليه مبشِّرًا الخادم سِرًّا وقال: ما عندنا جوابٌ عما عرفتَه من رأينا فيك، وإنما جاء رسولٌ وما أمكَنَنا إلا أن


(١) بعدها في (خ) كلمتان غير واضحتين، وهما ليستا في النسخة (ف).
(٢) في (ف): الكتَّاب.
(٣) هذه الزيادة من (ف).