للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى بينةٍ وبصيرة، وكأنَّكم بعسكر شهاب الدولة منصور بن الحسين عندنا بعد ثلاثة أيام. فسكنوا واطمأنُّوا.

وفي يوم الجمعة العاشر من رجب خُطِبَ لجلال الدولة في الجانب الغربي، ولأبي كاليجار في الجانب الشرقي.

وفي الثاني عشر منه ورَدَ دُبيس بن علي بن مَزْيَد إلى جلال الدولة في سبع مئة فارس من بني أسد وخفاجة، وورد حسام الدولة إلى الحاجب في خمس مئة فارس، ونزل بباب الشَّمَّاسية، ولمَّا رأى جلالُ الدولة هذه الجموع، وأنَّ الأتراك كذَّبوه في كونهم قالوا: نعبر إليك، قال لأبي المنيع: ما ترى؟ قال: المصلحةُ رَواحُنا إلى الموصل، وننظرُ في أمرنا، فما لنا بهم طاقة. فرحل نحو الأنبار، فضلُّوا عن الجادَّة، وعطشوا، وكادوا يتلفون، ووافى شهابَ الدولة عقيب (١) انصراف جلال الدولة، والتقاه الوزير وحاجب الحُجَّاب.

ولمَّا رحل جلالُ الدولة عبر الأتراك، فنهبوا الجانب الغربي بأسْرِه، ووصلوا إلى مشهد موسى بن جعفر، فأغلق العلويُّون الأبواب، فراسلوا المرتضى بأنَّ فيه جماعةً من المخالفين، فنَفِّذْ صاحبًا لك يفتح الباب ويُسلِّم ما فيه إلينا. فأرسل مَنْ فتح لهم الباب، فلم يجدوا فيه إلا دوابَّ يسيرةً، فقلعوا ضَبَّات القبور التي فيها أولاد الملك، وكانت فضةً، ثم تناهوا في هتكِ الحريم، وارتكابِ العظيم.

وعبر الوزير جمالُ الدولة بنفسه، ومنع من نهب الكَرْخ، وكان أهلُ الجانب الغربي قد بالغوا في سبِّ الأتراك وشَتْمِهم على جانب دِجلة، وبرز توقيعُ الخليفة إلى المرتضى والوزير يتنصَّل مما فعله الحاجب ويقول: واللهِ ما كانت لنا معه مباطنةٌ، ولا عَلِمْنا بما فعل إلا بعد وقوعه. ثم تفرَّقتِ الجموع، وبقي الحاجبُ والتركُ ومَنْ لا بُدَّ منه، وسار جلال الدولة وأبو المنيع إلى تكريت، وتأخَّر وصول أبي كاليجار، فكتب الحاجب [إليه] (٢) يُعتِبُه ويقول: قد ملكنا الحضرة، وفعلنا ما فعلنا، ولا خبر ولا أثر. فجاءت (٣) الرسلُ والكتبُ بوصول الملك ووزيرِه الأجَلِّ العادل، ولمَّا وصل جلالُ الدولة إلى


(١) بعدها في (ف) زيادة: أبو نصر!
(٢) هذه الزيادة من (ف).
(٣) تصحفت في (خ) إلى: فخاف، والمثت من (ف).