للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تكريت ومعه أبو المنيع، وكان خميس بن تغلب في القلعة، فأغلق في وجوههم أبواب البلد، وكان في شعبان، فقاتلوهم، فطلبوا الأمان، فأمنوا أهل البلد ودخلوا، ونصب معتمد الدولة على القلعة مِنْجَنيقًا، وتطاولت المدَّة، وكتب خميس إلى الحاجب يستمِدُّه، فتأخَّر عنه، فراسل الملكَ فأمَّنَه، ونزل إليه واجتمع [به] (١) وبأبي المنيع، وحمل ثلاثين ألف دينار، فاقتسمها الجند والملك وأبو المنيع، وعاد خميس إلى القلعة، ومرض أبو المنيع، فحُمِل في الماء إلى الموصل، وسار الملك على الظَّهر إليها، واستشعر الملك من معتمد الدولة، فأرسل ابنَه أبا نصر وحرَمه فأخذوا ذِمام سراهتك جاريةِ معتمد الدولة، وأصعدوا معها، ثم رأى جلال الدولة من أبي المنيع تقصيرًا في حقِّه، فقال له: ما معي منك. فقال: ما أقعد عن تدبيرٍ أفعلُه معك، والحاجب معه عسكر كثير، وليس معنا مَنْ نلقاه به، وقد مرضت، فيرى الملأ رأيَه، فعلم أنَّه تقاعد عنه. فقال: فعلامَ أبني حالي معك؟ قال: تمضي إلى هِيت مع عساكري من الأكراد والعرب، وتُقيم هناك حتَّى ننظر. فركب الملك يوم السبت، وسار إلى هِيت، ولم يتبَعْه من الغلمان أحدٌ إلا الحاشية، ونزل الخُرَيبة (٢)، فقال له العرب: الطريق إلى هِيت صعب، والزمان صيف، والماء قليل. فرجع إلى السنِّ، وكان جلال الدولة قد كتب إلى ابن أخيه أبي كاليجار كتبًا يشكو فيها ما عُومِلَ به، ويستعطفه، فكتب جوابه كتابًا عنوانه: عبده وخادمه المَرْزُبان بن عماد الدين، كتابي: أطال اللهُ بقاءَ سيدنا الملك الجليل شاهنشاه، ركن الدين، جلال الدولة، وكمال المِلَّة، ونصر الأمة، يوم الأحد لستٍّ بَقِين من شعبان. ودعا له وقال: وأمَّا ما حدَثَ في ذلك البلد من الخلاف عليه فقد جرى على غيره أعظمُ منه، ولمَّا جرى من اتفاق العسكر ما جرى وحضرت رسلُهم عندي لم يمكن مخالفتُهم؛ لأني لو دافعتُ لم آمَنْ أن يخرجوا الأتراك من يُنصِّبونه، فأظهرتُ ما أظهرتُ وأنا مضمرٌ من طاعته ما يعلمه، وأنا خادمُه وطَوْعُه والنائبُ عنه ومُتَّبِعُه، ولا أعصي له أمرًا، ولا أخالفه.


(١) هذه الزيادة من (ف).
(٢) الخُريبة: موضع بالبصرة. معجم البلدان ١/ ٣٦٣. قلت: وجاءت في النسختين (خ) و (ف): الخريبية، والظاهر أنها تحريف.